في عالم اليوم ذي الوتيرة السريعة، يواجه عدد كبير من الرجال مستويات عالية من التوتر والضغط في مختلف نواحي الحياة، مثل العمل، والأسرة، والمال، والتوقعات الشخصية. صحيح أن الشعور بقليل من التوتر أمر طبيعي وقد يكون مفيدًا أيضاً، إلا أنّ التوتر الشديد الذي يستمر لفترة طويلة قد يؤدي إلى الإنهاك، وهي حالة من التعب الشديد، على الصعيد الجسدي أو العاطفي أو كليهما. لذا، من المهم التعرف على علامات الإنهاك وسبل طلب المساعدة تعزيزاً لصحتكم العقلية والجسدية.
تعريف الإنهاك وأسبابه المحتملة
الإرهاق ليس مجرد حالة من التعب. إنه عملية مزمنة تتراكم فيها الضغوط مع مرور الوقت لدى الأشخاص الذين لا يملكون الوقت الكافي للاستراحة أو يفتقرون إلى الأدوات اللازمة للتعامل مع التوتر. ومع ذلك، نلاحظ أن الرجال غالبًا ما يترددون في طلب المساعدة بسبب المعايير الاجتماعية التي تربط تلقي المساعدة بالضعف.
من الأسباب الشائعة المسبّبة للإرهاق لدى الرجال، نذكر:
- الضغوط المرتبطة بالعمل: ارتفاع سقف التوقعات من حيث الوقت، والعمل، والمسؤوليات التي تصعّب على المرء الانسحاب من أي منها.
- الضغط المالي: يمكن للضغط الناجم عن تأمين الدعم المالي أن يكون مرهقًا، ولاسيما في ظلّ الأزمات الاقتصادية وضمن الأسر التي تتّبع الأدوار التقليدية.
- الأهداف الشخصية والتوقعات الذاتية: يعاني العديد من الرجال من مستويات عالية من المعايير الشخصية، مما يسبب الإحباط عندما لا يتم تحقيقها.
إدراك أعراض الإرهاق فيما يختلف تأثير الإرهاق من شخص إلى آخر، هناك بعض العلامات الشائعة التي لا بدّ من التنبّه إليها:
الإرهاق العاطفي: العلامة الأولى هي الشعور بالإرهاق العاطفي، والضغط، أو البعد عن الآخرين. من الشائع أن يشتكي الرجال الذين يعانون من الإرهاق من نقص الحماس.
الأعراض الجسدية: الشعور بالتعب بسهولة، والمعاناة من صداع مزمن، وآلام، أو أرق. ويمكن أن تؤدي هذه الاعراض إلى ضعف في جهاز المناعة على المدى الطويل.
الصعوبات المعرفية: يمكن أن يؤثر الإرهاق على التركيز، والذاكرة، وعملية اتخاذ القرارات. إذا كنتم تجدون صعوبة في التركيز أو تشعرون بالضبابية بشكل متكرر، فقد يكون ذلك علامة على معاناتكم من الإرهاق.
الانفصال والعزلة: الشعور بالانفصال عن الأصدقاء والعائلة والزملاء هو علامة أخرى من علامات الإرهاق. قد يتراجع الرجال عن دائرة الدعم الاجتماعي الخاصة بهم، ما يصعّب عليهم عملية إدارة التوتر.
لِمِ يصعب على الرجال طلب الدعم
يعتقد الكثير من الرجال بأن عليهم تحمل صعوباتهم من دون السعي للحصول على المساعدة. كما يعتبرون بأن عليهم أن يكونوا متماسكين، ويشعرون بالخجل حين يعانون من الإرهاق. إلا أن الحقيقة مخالفة لذلك، فتمامًا كما يقصد المرء الطبيب للخضوع للفحص الطبي عندما يعاني من علة جسدية، من المهم جدًا معالجة الإرهاق.
ما السبيل للحصول على المساعدة وإدارة التحديات
- الاعتراف بالمشاعر: تقبّل حقيقة أن الإرهاق أمر حقيقي وأن الشعور بهذه الطريقة أمر طبيعي. فمن أسس عملية التعافي تقبّل الوضع.
- التحدث إلى شخص تثقون به: يمكن أن يكون هذا الشخص صديقًا أو شريك حياة أو أحد أفراد الأسرة؛ فالتحدث إلى شخص مقرّب يمكن أن يخفف من شعوركم، إذ قد يرى الشخص الآخر الوضع من منظور مختلف.
- منح الأولوية للصحة البدنية: يجب ممارسة الرياضة، وتناول الطعام بشكل مناسب، والحصول على قسط كافٍ من النوم لمواجهة الإرهاق والأمراض العقلية الأخرى. وقد تمنحكم التمارين البدنية شعوراً مؤقتاً بالسعادة، إذ تطلق الإندورفينات التي تعزز مزاجكم.
- ضعوا حدوداً ثابتة: تجنبوا الإفراط في الالتزامات من خلال التمتع بالقدرة على قول “لا” وحماية وقتكم. يجب أن تتمكنوا من الفصل بوضوح ما بين العمل ومجالات الحياة الأخرى، وذلك لكي تتمكنوا من استعادة طاقتكم.
- خذوا فترات استراحة وابتعدوا عن العمل: قد يكفيكم أخذ بضع دقائق من الاستراحة خلال اليوم لتشعروا الفرق. حاولوا الابتعاد عن العمل والأجهزة الإلكترونية لفترة معينة إفساحاً في المجال أمام عقلكم ليشعر بالراحة.
- تواصلوا مع الآخرين: تفاعلوا مع أصدقائكم وأفراد عائلتكم، وانضموا إلى مجموعة تحبونها أو قوموا بأنشطة تستمتعون بالقيام بها. يمكن أن يسهم الارتباط بالآخرين من حدّة الشعور بالوحدة وتوفير الدعم العاطفي المناسب.
- اسعوا للحصول على مساعدة من الأخصائيين: قد يفيدكم طلب المشورة من معالج أو مستشار مرخص لإيجاد الطرق الملائمة لإدارة التوتر، واستكشاف أسباب الضغط، والعمل على تحمل التوتر.
بناء نهج صحيّ دعماً لصحتكم النفسية
إن اتخاذ الخطوات الملائمة لمعالجة الإرهاق هو علامة على القوة والمرونة، لا على الضعف. ومن خلال التعرف على علامات الإرهاق، وطلب الدعم، وإجراء تغييرات تدريجية في نمط الحياة، يمكنكم استعادة طاقتكم وإيجاد توازن صحي في حياتكم. شجعوا الرجال من حولكم على الاعتناء بذواتهم والحفاظ على صحتهم النفسية على مدار السنة بغية التمتع بحياة أفضل والشعور بمزيد من الرضى حيال ذواتهم.