في الحياة، ما من أمر يقين، إلا أن ما هو ثابت فهو بأن كل الأمور تتغيّر، دوماً، سواء أكان على صعيد المهن، المشاعر، الناس، المؤسسات، العلاقات، الأماكن أو الطبيعة.
في بعض الأحيان، يكون التغيير مخيفاً، ويبذل عدد كبير منّا كل المساعي لتجنّب التغيير
لأننا نخشى الفشل، والتعرض للانتقاد، والخسارة، والشك، وأحياناً النجاح والسعادة. وما من حاجة للإشارة إلى أنه مثل هذه المشاعر تؤثر سلباً على حياتنا، ومن شأنها أن تترك أيضاً بصمتها على صحتنا.
ونظراً ولأن التغير حتميّ، وهو جوهر الحياة، فما هي الاستراتيجيات التي يمكننا استخدامها لتخطي مخاوفنا واعتناق التغيير، بحيث نتمكّن من أن نتحيّن الفرص، ونخوض علاقات أفضل، ونتخلّى عن العادات السيئة، ونحيا حياة أكثر سعادة وصحة؟
إليكم هذه الخطوات لتخطي الخوف من التغيير:
قبول الشك
تتمحور الخطوة الأولى حول تقبّل حقيقة أن التغيير والشك هما جزء من الحياة. كلّما تمكنتم من تقبّل هذه الحقيقة بشكل أفضل، كلّما استطعتم أن تتعلموا بشكل أفضل كيف تتأقلمون مع التغيير. حاولوا أن تروا التغيير فرصة للنمو، والتعلّم والتحسّن.
افسحوا المجال لأنفسكم بأن تهلعوا
عند مواجهة تحدٍّ كبير، فإن الشعور بالخوف أمر طبيعي. اسمحوا لأنفسكم بأن تختبروا مشاعركم وتعاطفوا مع نفسكم. إقبلوا مشاعركم، ولكن لا تسمحوا لهذه المشاعر بأن تشلّ حركتكم، بل انتقلوا إلى الخطوة التالية.
تحمّلوا المسؤولية
يلتزم دماغنا بما يعرف. فهو يستمرّ بإخبارنا القصة عينها (حتى ولو لم تكن حقيقة)، استناداً إلى خبراتنا السابقة والمعتقدات التي كوّناها. تحمّلوا المسؤولية عبر اختبار الخوف، والتفكير في السبب الذي يدفعكم إلى مقاومة هذا التغيير، وأي نوع من التغيير هو الذي يخيفكم أكثر من سواه. فإن قمتم بذلك وجمعتموه بالتعلّم وقبول ما يمكنكم التحكم به وما لا يمكنكم التحكّم به، كأفكار الآخرين وتصرفاتهم مثلا، تستطيعون عندها الاستجابة بشكل أكثر فعّالية مع التغيير.
تقييم التغيير والتخطيط له
خصّصوا بعض الوقت للتفكير ملياً وبهدوء بحسنات الوضع الجديد وسيئاته، فكروا بأسوأ الاحتمالات وبالصعوبات التي قد تواجهونها، وخطّطوا لسبل تخطيها. فالاستعداد عبر امتلاك خطة واضحة من شأنه التخفيف من حدّة خوفكم. وانظروا أيضاً إلى السيناريو الأفضل وركزوا على الأمور التي يمكن تحقيقها. وإن استصعبتم القيام بذلك عند مواجهة أي تغيّر هامّ، فيستحسن بكم السعي للحصول على مساعدة من أخصائي، كمدرّب شخصي أو مستشار أعمال.
باشروا باعتماد خطوات صغيرة
باشروا بالقيام بخطوات بسيطة. اسعوا أولاً إلى تخطي المخاوف الصغيرة ولاحظوا كيف تزداد ثقتكم بأنفسكم. كما أنه يصبح من السهل تخطي التحديات الكبرى عند تقسيمها إلى خطوات أصغر والسعي لتحقيقها الخطوة تلو الأخرى.
نشئوا نظام دعم خاص بكم
أحيطوا أنفسكم بالأشخاص الإيجابيين والمرحين، الذين يدعمونكم في كل ما تقومون به، ويرفّهون عنكم عند الحاجة، ويذكّرونكم بمدى روعتكم حين تشعرون بالخيبة وتكونون محبطين.
اضطرّ آخرون إلى القيام بتغييرات جذرية في حياتهم، وقد يكونون مستعدين لتقديم النصح لكم وإرشادكم إلى المحفّزات التي جعلتهم يبادرون إلى التغيير، ويشاركونكم خبرتهم وشعورهم. أحيطوا أنفسكم بأشخاص تثقون بهم ويرفعون من معنوياتكم.
تعلّموا من الفشل
إن الخوف من الفشل ومن حكم الناس عليكم هو الخوف الأكبر الذي يكبّلكم ويحول دون قيامكم بالخطوة اللازمة للتقدّم. ولكن، ألم يساعدنا الفشل على المضي قدماً في حياتنا؟ ألم نقع على الأرض حين كنا نتعلّم السير، لنعود ونقف ونحاول مرة تلو الأخرى حتى ننجح، من دون أن ينتقدنا أحد؟ ألم يفشل المخترعون والشركات الناشئة، ريثما يتكيف أصحابها مع الأوضاع ويدركوا الأسس التي يحتاجون إليها للنجاح، ويتعلموا من أخطائهم الماضية؟ خطّطوا، ولا تقلقوا من الفشل. تعلّموا من الفشل، تعلّموا وكيّفوا تصرفاتكم ضمن مسيرتكم.
احتفلوا بالنجاح
نميل بطبعنا إلى ملاحظة السلبيات بشكل سريع، فننتبه إلى ما لا يسير على خير ما يرام، وإلى ما لا نستطيع القيام به، وبالتالي فنحن نعيق تقدّمنا. ومن هنا، فإن الاحتفال، ومكافأة أنفسكم على كل الانتصارات، مهما كان صغر حجمها كل يوم، هو طريقة ممتازة للحفاظ على زخمكم. وعبر القيام بذلك، يعتاد دماغكم على ربط الإنجاز بالفرح.
لا تسمحوا للخوف بأن يعيقكم ويحول دون جعلكم تعيشون حياة أفضل وأكثر إيجابية. ومع التكرار، تتعلمون أن تقبلوا التغيير، وتعانقوه وتتحكموا به، فتشرّعوا الأبواب لعالم من الاحتمالات الجديدة والحياة الأكثر إيجابية وصحة.