باتت حياتنا اليوم تتمحور حول الآلات الإلكترونية. ففي كلّ يوم، نمضي ساعات أمام شاشات الكمبيوتر. ونتلقى المعلومات بشكل دائم ما يستلزم منّا الحفاظ على تركيزنا لفترة طويلة. وبالرغم من أنّ الوصول إلى التكنولوجيا يساعدنا لنكون منتجين ومطّلعين على كلّ ما يجري من حولنا، إلا أن له سيئات عديدة أيضاً، سنحاول أن نوجزها فيما يلي:
- وفق مجموعة من الإحصاءات التي جرت في العام ٢٠١٨ حول تأثير التكنولوجيا الرقمية على حياتنا، تبيّن أن ثلث سكان العالم، المتصلين بشبكة الانترنت، أي ما يقارب ٢١٠ مليون شخص، يعانون من الإدمان على الانترنت ووسائط التواصل الاجتماعي.
- يؤدي الضوء الاصطناعي الذي يخرج من الشاشات إلى كبت هرمون النوم الذي يعرف بالميلاتونين، ما يتسبّب بالأرق.
- يتعرّض الأشخاص الذين يستخدمون الانترنت بشكل كبير إلى خطر الاكتئاب بنسبة مرتين ونصف أكثر مقارنة بالأشخاص الذين لا يستخدمون الانترنت.
- كلّما قضى الأشخاص وقتاً أطول على موقع فايسبوك، كلّما قلّ شعورهم بالرضى عن أنفسهم وحياتهم. فرؤية الأصدقاء يسهرون ويستمتعون بوقتهم، والاطلاع على الرسائل الترويجية، التي غالباً ما تكون غير واقعية، تجعل الناس يشعرون بأن حياتهم مملة مقارنة بحياة الآخرين، وبأنهم يعيشون حياة كئيبة فيما يستمتع الآخرون بحياتهم، ما يحدّ من ثقتهم بنفسهم، ويشعرهم بأنهم غير ناجحين.
- البقاء لساعات طويلة على الهاتف يسبّب التوتر، ويولّد الشعور بالذنب جرّاء عدم الردّ بشكل فوري على الرسائل التي ترد.
- إنّ قضاء وقت طويل خلف شاشات الكمبيوتر واستعمال الهواتف الخلوية لساعات طويلة، من شأنه أن يؤثر سلباً على صحة الظهر، الرقبة والعينين.
- إنّ الاتصال بشكل مباشر بشبكة الانترنت يعيق التواصل الشخصي ويؤثر على العلاقات الشخصية والأعمال.
- إنّ مراقبة الأخبار من خلف الشاشات يخفّف من مستوى التعاطف الإنساني مع الحدث ويؤثر سلبًا على الأداء والمزاج.
التخلص من السموم الرقمية
أدّى إدراك الآثار السلبية لعاداتنا المتعلقة بالتكنولوجيا على حياتنا اليومية، إلى بروز اتجاه جديد، هو السعي للتخلص من السموم الرقمية.
في يومنا هذا، باتت شركات السفر تقدّم عروضاً لعطل بعيداً عن أي شكل من أشكال التكنولوجيا. والمضحك هو زيادة عدد التطبيقات الإلكترونية والألعاب التي من شأنها الإسهام في التخلص من السموم الرقمية. وفي هذا الإطار، صدر في فرنسا قانون يمنح العمال الحقّ “بعدم الاتصال بالانترنت”، كما نص القانون على أنه يفترض بالشركات التي تضمّ ٥٠ موظفاً وأكثر أن تحدّد ساعات معيّنة لا يفترض فيها بالموظفين توجيه الرسائل الإلكترونية أو الردّ عليها.
اسعوا لتخصيص وقت لجعل عملية التخلص من السموم الرقمية جزءاً من برنامجكم للعناية بصحتكم الجسدية والنفسية. اتخذوا قراراً واعٍ بعدم الاتصال بشبكة الانترنت أو استعمال أدوات متصلة بشبكة الانترنت خلال فترة محددة من الوقت. فللتخلص من السموم الرقمية فوائد عديدة، أبرزها:
- تخصيص وقت خاص ومضاعفة القدرة على التركيز: إن عملية التخلص من السموم الرقمية تمنحك استراحة بعيداً عن كلّ ما تتعرّض له عند استعمال الانترنت، ويفسح المجال أمامك للتركيز بشكل أكبر على أفكارك، مشاعرك، أهدافك ومحيطك.
- تحسّن على صعيد العلاقات: عندما توجّه تركيزك الكامل تجاه الشخص الجالس بقربك عوضاً عن التركيز على الشاشة، تجعل الشخص الآخر يشعر بأنه محط تقدير، ما يؤثر إيجاباً على علاقتكما.
- سعادة أكبر: إنّ الحصول على استراحة من سيل الرسائل التي تردك عبر وسائط التواصل الاجتماعي والإعلانات، والتي غالباً ما تكون غير واقعية، من شأنه أن يحدّ من مستوى التوتر الذي تسبّبه هذه الرسائل لك.
- الحدّ من التوتر: بعيداً عن الاتصالات الهاتفية المستمرة والرسائل، يمكنك أن تخفّف من وتيرة النمط الذي تحيا فيه وتسترخي.
- تحسّن على مستوى الصحة: حتى ولو أتممت عملية التخلص من السموم الرقمية لبضعة أيام، يسمح لك ذلك بالتخلص من الضغط الذي يصيب عينيك، رقبتك وظهرك.
- قدرة على النوم بشكل أفضل: حين تبتعد عن الضوء الصادر عن شاشات الكمبيوتر، تسمح لجسمك بأن يفرز بشكل أفضل، هرمون الميلاتونين المسؤول عن النوم، ما يسمح لك بالنوم بشكل أفضل.
- زيادة في الانتاجية: حين تتوقف عن التدقيق في رسائلك الإلكترونية، والاتصال بوسائط التواصل الاجتماعي والردّ على الرسائل، تستطيع عندها ترتيب أولوياتك بشكل أفضل والتركيز على أعمال.
كيف تتمّ عملية التخلص من السموم الرقمية؟
- خطّط لذلك: اختر الوقت الأنسب للقيام بذلك، كعطلة نهاية الأسبوع أو أي يوم عطلة آخر.
- قم بالترتيبات اللازمة: أعلم أفراد عائلتك، وأصدقائك وزملائك في العمل بأنك تنوي أن تتوقف عن استعمال الانترنت والأدوات الإلكترونية، كي لا يشعروا بالقلق إن تعذّر عليهم الاتصال بك.
- قرّر كيف ستقضي وقتك: اختر نشاطاً ستستمتع بالقيام به. قد تختار مثلاً الذهاب في رحلة، أو قضاء الوقت مع الأصدقاء والعائلة أو الاستمتاع بالطبيعة.
- حفّز نفسك: حدّد الأسباب التي تجعلك تقرّر أن تتخلص من السموم الرقمية، حتى تذكّر نفسك بها ولا تستسلم وتتراجع عن قرارك.
اعمل على تحسين صحتك الجسدية والنفسية عبر التوقف عن استخدام الآلات الإلكترونية واستمتع بحالة السلام والطمأنينة التي تعيشها.