الفم مرآة الجسد مقولة تبيّن أنّ صحة الفم والأسنان تعكس صحة الجسم. تنظيف الأسنان واللّثة بعد تناول الطعام وقبل الخلود الى النوم يعتبر من المهام الصحية اليومية التي يقوم بها الإنسان لتجنّب تسوّس الأسنان واصفرارها وللمحافظة على نفس منعش، وتفادي الأمراض المزمنة أيضاً.
فبحسب دراسة نشرها الإتحاد العالمي لطبّ الأسنان، تبيّن بأنّ العناية بالأسنان ضرورية لصحتنا الجسدية والنفسية. إلا أنه، ولسوء الحظ، غالباً ما يُغض النظر عن العناية بالأسنان، وتسجّل أمراض الأسنان النسبة الأعلى عالمياً. فبحسب الدراسة المذكورة، يعاني ١٠٠٪ من البالغين و٦٠-٩٠٪ من أطفال المدارس من التسوّس. كما أنّ ٣٠٪ من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين ٦٠ و٧٤، قد فقدوا أسنانهم.
من جهة أخرى، تترك الكثير من الأمراض عوارض وإشارات تظهر في الفم. بعبارة أخرى، يكشف الفم الكثير من المعلومات عن الوضع الصحي. وفي هذا الصدد، تؤكد أكاديمية طب الأسنان بأن ٩٠٪ من كل الأمراض المتعلقة بالجهاز الجسمي، أي الأمراض التي تؤثر على عدد من الأعضاء والأنسجة أو على الجسم كاملاً، تترك آثاراً وعوارض في الفم. كما أن الأمراض المزمنة كالسرطان والسكري تتشارك عوامل الخطر مع أمراض الفم.
صحّة الفم والسكري: علاقة ثنائية الإتجاه
تشير دراسة مستجدّة أجراها خبراء من جامعتي نيويورك ونورث كارولينا في الولايات المتّحدة ونشرت نتائجها في دورية (American Dental Association) العلمية، إلى وجود صلة قوية ثنائية الإتجاه بين السّكري وأمراض اللّثة مثل التهاب اللثة، والتهاب دواعم السنّ وسواها. فالأشخاص المصابون بداء السّكري يعانون من ارتفاع نسبة السكر في الدم الأمر الذي يتسبّب بجفاف الفم ويجعله بيئة صالحة للبكتيريا.
من جهة أخرى، أكّد الباحثون أنّ أمراض اللّثة لها تأثير سلبي على مرضى السكري. فكما هي عليه الحال بالنسبة إلى مختلف أنواع الإلتهابات،
يعيق إلتهاب اللّثة عملية التحكّم بنسبة السكر(الغلوكوز) بل ويؤدي الى ارتفاعها في الدم، الأمر الذي قد يسهم في تطوّر مرض السكري.
صحّة الأسنان والجلطة: براهين علمية غير جازمة
منذ سنوات تناقش العلماء والخبراء حول العلاقة القائمة ما بين صحة الفم واللّثة وخطر الإصابة بالجلطة القلبية. فالفكرة وراء هذه العلاقة هي أنه حين يبادر الأشخاص الذين يعانون من التهاب دواعم السنّ، أو من تآكل في الأنسجة والعظام التي تدعم الأسنان، إلى تنظيف أسنانهم أو المضغ، فهم يطلقون البكتيريا التي تستقر في شرايين القلب. وقد وجدت بعض أنواع البكتيريا التي تسبب التهاب دواعم السنّ على جدران شرايين القلب، الأمر الذي قد يتسبّب بجلطة قلبية.
من ناحية أخرى، خلص علماء من جمعية القلب الأميريكية، عام ٢٠١٣ الى أنّ سوء صحّة الفم لا يتسبّب بالضرورة بأمراض القلب والشرايين، كما أنّ علاج أمراض اللّثة لا يقلّل من خطر الإصابة بالجلطة القلبية.
إذاً، وفي ظلّ غياب أية براهين علمية دامغة لا يمكن الجزم بأنّ أمراض الأسنان واللّثة تتسبّب بأمراض قلبية. وبالرّغم من ذلك، تثني جميع الدراسات على ضرورة الإهتمام بالصحة الفموية، فالوقاية خير من علاج!
ومن هنا، لا بدّ من الاعتناء بالأسنان عبر:
ومن هنا، لا بدّ من الاعتناء بالأسنان عبر:
- – تنظيف الأسنان على الأقلّ مرّتين في اليوم أو بعد تناول وجبات الطعام، مع الحرص على تنظيف الأسنان جيداً عبر تحريك الفرشاة بلطف، وضمن حركات دائرية لإزالة الجير وتخصيص الوقت الكافي لهذه العملية.
- – تنظيف اللسان بلطف بعد الانتهاء من تنظيف الأسنان لإزالة الجير الذي قد يكون قد تراكم على اللّسان.
- – استخدام الخيط الطبي لإزالة بقايا الأطعمة من بين الأسنان، وتنشيط اللثة والحدّ من الجير وأي التهابات في اللثة.
- – اعتماد تغذية سليمة والحدّ من تناول الطعام ما بين الوجبات الأساسية.
- – إستبدال فرشاة الأسنان كل ٣ أشهر.
- – زيارة طبيب الأسنان بشكل دوري (مرة كل ٦ أشهر) لإجراء فحص شامل وتنظيف الأسنان.
- – تجنّب التدخين إذ تصل احتمالات الإصابة بأمراض اللّثة لدى المدخنين إلى ٧ أضعاف احتمالاتها عند غير المدخنين. كما أنّ للتدخين أثراً في عرقلة طرق علاج اللّثة، إضافةً الى تعزيز خطر الإصابة بسرطان الفم.
- – الحدّ من تناول الكحول، إذ تعزّز الكحول خطر الإصابة بتسوّس الأسنان، والتقرّحات الفموية، والتهاب اللثة فيما يعدّ تناول الكحول العامل الثاني المسبّب لسرطان الفم.
- – تجنّب تناول السكريات، لأن السكر يتحول إلى أسيد في الفم ومن شأنه إزابة مينا الأسنان وإحداث تجاويف فيها.
- – حماية الأسنان عبر وضع قالب خاص أو اعتمار خوذة أثناء ممارسة الرياضات الخطرة.
- – زيارة طبيب الأسنان عند أوّل إشارة لمشكلة صحية فموية، وعند المعاناة من السكري أو أمراض القلب، والحرص على إعلام الطبيب بالوضع الصحي قبل أن يبدأ بالعلاج، وذلك كي يتمكّن من اتخاذ قرارات واعية حول مسار العلاج.
وفي الختام، نشدّد على أهمية العناية بالصحة عبر الاعتناء أولاً بصحة الفم والأسنان بشكل يومي، فبذل هذا الجهد البسيط يومياً سيؤدي إلى مكاسب صحية كثيرة على المدى البعيد.