بالرغم من أنه موضوع فكاهة ومزاح أحياناً، إلا أن الشخير مسألة بعيدة كلّ البعد عن المزاح، فهو مشكلة حقيقية تؤثر على نومنا، وعلى عافيتنا، وعلى علاقاتنا الحميمة أيضاً. وبالإضافة إلى ما سبق، يمكن للشخير أن يكون مؤشراً لمشاكل صحية عامة، كما أنه، وإن لم تتمّ معالجته، فقد يؤدي في حالات معينة إلى الوفاة.
مصدر قلق متنام
يمكن للشخير أن يتسبّب بالتعب، وبصعوبة تركيز خلال النهار، وبشعور مثقل بالاضطراب خلال الليل. وقد أشارت الدراسات إلى أنّ ظاهرة الشخير ما بين البالغين قد زادت بشكل ثابت. ويعزى ذلك بشكل خاص إلى الأنماط الغذائية غير السليمة، وسوء التغذية وزيادة الوزن. كما أن ازدياد ظاهرة الشخير مرتبطة بعدم ممارسة التمارين الرياضية، وازدياد حالات البدانة والسكري، والإفراط في تناول الكحول
وسواه من المواد أو الأدوية التي ترخي العضلات في تجويف الصدر، ما يجعل الهواء الذي يمرّ يرتجف ويؤدي إلى مختلف أصوات الشخير.
أنواع الشخير
تتراوح أصوات الشخير بشكل وسطي ما بين خمسين ديسيبل (صوت الحديث العادي) ثمانين ديسيبل (صوت المكنسة الكهربائية)، إلا أنه قد يصل إلى مئة وعشرة ديسيبل (طائرة تطير على ارتفاع منخفض). ومن حسن الحظ، فإن صوت الشخير لا يرتبط بشكل مباشر بخطورة الوضع الصحي. إذ يمكن للشخير أن يخرج من الأنف، والفم، واللسان أو الحنجرة. ويعدّ الشخير الذي يخرج من الحنجرة هو أسوأ أنواع الشخير وأعلاها. وهو نوع الشخير الأخطر على الصحة لأنه يؤدي إلى توقف التنفس أثناء النوم.
مخاطر الشخير
غالباً ما يطوّر الأشخاص الذين يشخرون بشكل مزمن حالة توقف التنفس الانسدادي خلال النوم، بحيث يتوقفون عن التنفس خلال النوم بشكل متقطّع. ومن أبرز عوارض توقف التنفس أثناء النوم الاستيقاظ بشكل مفاجىء طلباً للحصول على الهواء. علماً أن الشخير بشكل مرتفع للغاية بحيث يزعج النائم ومن حوله، ولاسيما إن كان يتشارك السرير أو الغرفة مع شخص آخر. لا يسهل على المرء أن يشخص بنفسه حالات توقف التنفس أثناء النوم، إلا أنه يمكن استشارة الطبيب للحصول على تشخيص مناسب وعلاج، ولاسيما إن قيل لكم بأن شخيركم مرتفع للغاية، وإن استيقظتم وأنتم تشعرون بالتعب وتقلّب المزاج، وإن كنتم تستيقظون للحظات خلال النوم، وتشعرون بانقطاع النفس، أو بالحاجة إلى الدخول إلى الحمام عوضاً عن النوم الليل بطوله. ويمكن لحالات انقطاع النفس المطوّلة أن تؤدي إلى مستويات أعلى من ثاني أكسيد الكربون، ما يؤدي إلى ازدياد الشعور بالقلق. وخلال فترات انقطاع التنفس، يمكن للمرء أن يعاني من ارتفاع في ضغط الدم وتضخّم في القلب، ما يؤدي إلى سلسلة من مشاكل القلب والشرايين، بما في ذلك الأزمات القلبية والنوبات القلبية.
هل يمكن معالجة مشكلة الشخير؟
في معظم الحالات، يمكن معالجة مشكلة الشخير، وذلك بحسب سبب الشخير ومستوى خطورته. وتشتمل بعض خطط العلاج البسيطة على إجراء تغييرات في نمط الحياة، ومنها: خسارة الوزن، إيقاف استهلاك المواد التي تؤدي إلى إرخاء عضلات تجويف التنفس أو الحدّ منها، كالكحول والدخان، وترتيب مكان النوم ووضعيته، وعادات النظافة قبل النوم، ومنها تنظيف الأنف، والتوقف عن تناول الطعام أو الشراب أقله قبل ثلاث ساعات من موعد الخلود إلى النوم.
وفي الحالات المتقدمة، قد تبرز الحاجة لتدخّل طبي. وتعدّ معظم الأدوات المضادة للشخير آمنة نسبياً، لذا، فهي تستحق التجربة، بالرغم من أن فعاليتها لا تتعدى العشرين في المئة في أفضل الحالات. وبالنسبة إلى الحالات الأقلّ خطورة، فإنّ هناك عدد من الخيارات المتاحة في الصيدليات، والتي تسمح بفتح ممرات الأنف، مثل شرائح التنفس التي يمكن وضعها في الأنف قبل النوم. وعند المعاناة من التهابات الجيوب الأنفية، قد تبرز الحاجة للتدخّل الجراحي الذي من شأنه أن يزيل الالتواء أو الانسداد، فيسمح للهواء بأن يمرّ بشكل طبيعي عبر الأنف. أما بالنسبة إلى حالات انقطاع النفس الطبيعية، فهناك عدد من الآلات الفموية التي تتحكم باللسان والحنك تسهيلاً لمرور الهواء بشكل أفضل. إلا أنه، وفي الحالات الخطيرة لتوقّف التنفس أثناء النوم، فلا بدّ من استخدام آلات مثل CPAP التي تؤمن ضغطاً هوائياً إيجابياً مستمراً، أو BiPAP جهاز ضغط الهواء الإيجابي للحفاظ على دفق هواء طبيعي أثناء الليل. وحده الطبيب هو الجهة المخوّلة نصحكم بأفضل علاج لكم، وذلك بحسب وضعكم الخاص.
موجز تاريخي عن الشخير
- منذ أكثر من ٣٥٠٠ عام، كان الشخير مشكلة عالجها المصريون القدامى باستخدام الصعتر. والآن، وفي العام ٢٠٢٣، مازال الصعتر وسواه من الأعشاب يُستخدم في عدد من المنتجات والعلاجات الطبيعية التي تعالج الشخير.
- إن ديونيسوس، إله الخصوبة لدى الإغريق، هو أول مريض تمّ تشخيصه على أنه يعاني من توقف التنفس أثناء النوم، وذلك في العام ٤٦٠ قبل الميلاد.
- ظهرت أول رسوم كاريكاتورية حول الشخير في ألمانيا في العام ١٨٨٧.
- صُمّم أول جهاز تقويم فموي لمساعدة الأشخاص الذين يشخرون في العام ١٨٩٢. وما بين العامين ١٨٩٣و١٩١٩، تم اختراع عدد من الأجهزة التي تهدف للحدّ من الشخير، كرباطات الذقن وسواها. وفي خمسينيات القرن الفائت، بدأ استخدام الأجهزة الفموية التي تثبت اللسان وتدفعه إلى الأمام.
- أطلق على مشكلة توقف التنفس أثناء النوم، تسمية بيكويك، بعد رواية شارلز ديكنز. وفي العام ١٩٦٠، تم اعتماد مصطلح “متلازمة توقف التنفس أثناء النوم”.
- وفي العام ١٩٨٠، وحين توصّل العلم إلى تفصيل مختلف متلازمات توقف التنفس، تم تحديد تشخيص “اضطرابات توقف التنفس المرتبطة بالنوم”.
وعلى مر التاريخ، اشتهر كلّ من الملكة فيكتوريا، ووينستون تشيرشيل، وإليزابيث تايلور بشخيرهم. وفي يومنا هذا، يقال بأن طوم كروز يشخر بشكل كبير إلى حدّ أنه اضطر إلى أن يجعل غرفته مقاومة للصوت فابتكر حجرة أطلق عليها “حجرة الشخير”.
الحياة هي صنع يديك، اذا غفوت خسرت، وإن قضيتها مسترسلا في النوم تشخر، تخسر أكثر بكثير. فيليس جورج