تساعدنا الساعة البيولوجية الصينية، أو ساعة الجسم في الطبّ الصيني التقليدي، على أن نفهم مشاكلنا الصحية ونعالجها وتضيء على التغيّر الحاصل في مستويات الطاقة في جسمنا أو في مزاجنا خلال اليوم.
تقسم نظرية الطبّ الصيني التقليدي القديم الجسم استناداً إلى اثنتي عشرة قناة طاقة موزعة في مختلف أنحاء الجسم، تنقل طاقة الحياة (التشي) من عضو من أعضاء الجسم إلى الآخر كلّ ساعتين.
ومن أبرز مفاهيم الطبّ الصيني التقليدي هو الحفاظ على التوازن، أو ما يعرف باليينغ واليانغ. ولضمان الصحة الأمثل، لا بدّ وأن نعيش في حالة من التوازن ونحرص على أن تتدفق الطاقة بانسيابية في مختلف أنحاء جسمنا.
تقسم خطوط الطول الاثني عشر إلى ست خطوط يان وست خطوط يانغ. ترتبط خطوط “يان” بالأعضاء التي تجمع الطاقة، وتخزّنها وتتعامل معها: القلب والمنطقة المحيطة به، الكليتين، الكبد، الرئتين والطحال. أما خطوط “اليينغ”، فتتضمن الأعضاء التي تتعامل مع الطاقة وتطرح مواداً: المثانة، الإثنى عشر، القولون، المرارة والمعدة.
يتأثر كلّ خط من خطوط الطول بعنصر من العناصر الخمسة: الأرض، النار، المعدن، الماء والخشب. في الطبّ الصيني التقليدي، يرتبط كلّ عنصر من هذه العناصر بأعضاء معيّنة وخصائص محدّدة، وهو أمر سنتطرّق إليه بالتفصيل في مقالات لاحقة، كما سنتناول أيضاً موضوع المشاعر التي يربطها الطبّ الصيني التقليدي بكلّ عضو من أعضاء الجسم.
يؤدي نمط الحياة السيء، والإصابات والتوتّر إلى سدّ مسار “التشي” أو طاقة الحياة ما يؤدي إلى حالة عدم اتزان. وتظهر عوارض عدم الاتزان خلال الساعات التي يكون فيها خطّ الطول المعيّن ناشطاً. فعلى سبيل السبيل، تظهر المشاكل في المعدة وتتفاقم ما بين الساعة السابعة والتاسعة صباحاً لأن المعدة تكون في قمّة نشاطها خلال هاتين الساعتين.
ومن هنا، يمكن لأجسامنا أن تعمل بشكل أكثر فعالية وتدافع عن نفسها ضد الأمراض حين نوزّع نشاطاتنا اليومية على ضوء مستوى الطاقة الأمثل لكلّ عضو من أعضاء جسمنا، وحين نحرص على ألا نُثقل كاهل النظام الخاص بهذا العضو حين تكون طاقته في أدنى مستوياتها.
تجدر الإشارة إلى أن الأعضاء التي يحدّدها الطبّ الصيني التقليدي تختلف عن تلك التي يحدّدها الطبّ الحديث. فعلى سبيل المثال، يصنّف الطبّ الصيني التقليدي كلاً من المحرق الثلاثي والتأمور وحدات وظائفية في حين أنها تقع في خانة البُنى التشريحية في الطبّ التقليدي.
إليكم تفسيراً مقتضباً لدورة الساعة البيولوجية التي تمتدّ على مدى 24 ساعة:
٣-٥ فجراً: الرئتين
في هذا الوقت، من الأرجح أن تكونوا نائمين، إلا أن الرئتين تتخلصان من المخاط والمخلفات، ولهذا السبب تسعلون أحياناً حين تستيقظون. إن تكرّر ذلك أكثر من مرة، فهذا دليل على أنّ عليكم تعديل حميتكم الغذائية ونمط حياتكم.
٥ فجراً -٧ صباحاً: الأمعاء الغليظة
حان وقت الاستيقاظ، اشربوا الماء لتنطلق حركة الأمعاء الأولى. إنه الوقت الأسوأ لتناول الكافيين، الذي يدرّ البول، في الوقت الذي يحتاج جسمكم فيه إلى كمية كبيرة من المياه لضمان صحة القولون والأمعاء. إن كنتم لا تشعرون بأنكم على خير ما يرام، اشربوا كمية كبيرة من المياه.
٧- ٩ صباحاً: المعدة
خلال هاتين الساعتين، تكون المعدة في قمّة قدرتها على امتصاص المغذّيات المتوفّرة في الطعام. فهذا هو الوقت الأمثل لتناول فطور صحي والذهاب في نزهة سريعة سيراً على الأقدام. إن كنتم تواجهون مشاكل في المعدة أو تفتقدون إلى الشهية لتناول الطعام، فعليكم أن تعيدوا النظر في أنماط تناول الطعام التي تعتمدونها.
٩-١١ صباحاً: الطحال
في الطبّ الصيني التقليدي، يُشار إلى الطحال على أنه ليس العضو فحسب، بل عملية الهضم بحدّ ذاتها، بما في ذلك التحكّم بمستوى السكر في الدم، وإطلاق الأنزيمات الهضمية من البنكرياس. حتى ولو تناولتم فطوراً متأخراً، ستتمكنون من هضمه بفعل حركة البنكرياس والطحال. ويعدّ هذا الوقت ملائماً للبدء بالعمل لأن الطحال السليم يساعدكم على التركيز.
١١ صباحاً – ١ ظهراً: القلب
تشير الدراسات إلى ارتفاع نسب حصول النوبات القلبية خلال هذه الفترة الزمنية، لذا، اسعوا لئلا ترهقوا قلبكم في هذا الوقت، واقضوا هاتين الساعتين في تناول الغداء والتواصل مع الآخرين.
١ ظهراً – ٣ من بعد الظهر: الأمعاء الدقيقة
خلال هذه الفترة من الوقت، تكون مستويات الطاقة في الجسم في أدناها، وهذا الوقت الأمثل لأخذ قيلولة. خلال هذه الفترة، قد تعانون من سوء هضم، وألم في المعدة، وانتفاخ، وهي دلائل تشير إلى ضرورة إعادة النظر في حميتكم الغذائية.
٣ – ٥ بعد الظهر: المثانة
في هذا الوقت، يفترض بكم أن تكونوا قد استعدتم طاقتكم. إنها الفترة الأمثل لمعاودة العمل والدرس. أكثروا من شرب المياه خلال هاتين الساعتين.
٥ – ٧ بعد الظهر: الكليتين
إنه الوقت الأمثل لتناول العشاء واستعادة الطاقة. تحتفظ الكليتان بمخزون الطاقة. إن كانت الكليتان سليمتين، فستشعرون بالطاقة خلال هذا الوقت من النهار. أما إن شعرتم بالتعب خلال هاتين الساعتين أو ما بين الساعة الخامسة فجراً والسابعة صباحاً، فهذا مؤشّر على أنه عليكم التحكّم بمستويات التوتّر الذي تشعرون به.
٧- ٩ مساء: التأمور
التأمور هو العضو المسؤول عن الدماغ، الدورة الدموية والأعضاء التناسلية. خلال هاتين الساعتين، يكون التأمور في أوجّ طاقته، فاستفيدوا من هذا الوقت لتعززوا التواصل الاجتماعي وتعتنون بذاتكم، فاسترخوا وطالعوا كتاباً. تجنّبوا الوجبات المسائية الدسمة، واستعيضوا عنها بالوجبات الخفيفة.
٩-١١ مساء: المحرق الثلاثي
في الطبّ الصيني التقليدي، ينسّق المحرق الثلاثي مستويات الطاقة، ودفق المياه والحرارة في الجسم وينظّمها، ويتحكّم بالأوعية الدموية والشرايين التي تتمّ معالجتها خلال هذا الوقت. في هذا الوقت، تبدأون بالشعور بالنعاس ويفترض بكم الاستمرار في الاسترخاء.
١١ -١ مساء: المرارة
حان وقت النوم والتجدّد. إن كنتم تعانون من حصى في المرارة، فمن المرجّح أن تشعروا بالألم خلال هاتين الساعتين.
١– ٣ صباحاً: الكبد
في هذا الوقت يفترض بكم أن تكونوا قد غصتم في نوم عميق وبدأتم تحلمون، فيما يعمل الكبد على إزالة السموم من جسمكم. إن كنتم تستيقظون خلال هاتين الساعتين، فهذا مؤشر على أن كبدكم متعب بسبب نظامكم الغذائي السيء، استهلاككم للكحول أو الأدوية، لذا، يستحسن بكم السعي لاعتماد نمط حياة أكثر صحة.
يمكنكم الاستعانة بصورة الساعة البيولوجية الصينية المبينة أدناه لتكتسبوا مزيداً من المعرفة حول تعزيز التوازن في جسمكم.
ففي مجتمعنا ذات النمط السريع المليء بالتوتر، يمكننا أن نتعلّم الكثير من حكمة الطبّ الصيني التقليدي وتنفيذ هذه المعلومات لتحسين صحتنا.