إلقاء الملامة على الجينات على امتداد عقود، كنّا نعتقد بأننا سجناء لجيناتنا أو لحمضنا النووي، وكنا نلوم الجينات على سوء صحتنا وأحياناً على سلوكنا. ولطالما سمعنا مثل هذه العبارات: “السكري يسري في عائلتي، لذا، أنا متأكد من أنني سأصاب به”، ولطالما شهدتُ في عيادتي على خوف أحد الوالدين على أولاده من أن يصابوا بنوع السرطان نفسه الذي أصيب به، لأنهم قد ورثوا جيناته.
المشكلة في العادات لا في العوامل الجينية يشاركنا الدكتور مارك هايمن، وهو طبيب أميركي والكاتب الذي حقق نسبة المبيعات الأعلى بحسب نيويورك تامز، الأخبار الجيدة: فقد أشارت الدراسات إلى أننا غير ملزمين على الاستسلام وتقبّل مرضنا! فقد أظهرت أهم الابتكارات الطبية في مجال علوم التخلّق كيف أن سلوكنا والبيئة التي نعيش فيها من شأنها إحداث تغييرات في طريقة عمل جيناتنا.
أتبدو هذه النظرية معقدة؟ فلنعرض لكم الأمور بأسلوب أبسط: تحتوي الجينات على “أزرار” تعطيها أوامر حول كيفية التصرف، وبالتالي فنحن قادرون على “إطفاء جيناتنا أو تشغيلها” وفقاً لطريقة حياتنا ولسلوكنا.
فنمط حياتنا يسيطر على حمضنا النووي، ما يحدّد هويتنا في أي لحظة من اللحظات. فما نأكله، والتمارين الرياضية التي نقوم بها، ومقاومتنا للتوتر، وتعرّضنا للسموم والملوّثات … جميعها أمثلة على عوامل مساهمة من شأنها أن تشغّل الجينات التي تتسبب بالامراض أو تعطّل عملها.
قد تكون الجينات مسؤولة عن حشو المسدس، إلا أن نمط الحياة هو الذي يطلق الرصاص! نقصد بهذا القول بأن بمقدورنا أن نسيطر على طريقة عمل جيناتنا. فقد تكون الجينات مسؤولة عن استعدادنا للاصابة بالمرض،
إلا أن نمط حياتنا الخاطىء هو الذي يتحكّم بالأمور.
ولكن، بإمكاننا أن نعتمد نظام حياة صحي ووضع قفل على المسدّس للحؤول دون عمله.
والطريق لعيش حياة صحية ونمط حياة صحي أمر بسيط، إلا أن الأساس هو تحويل السلوكيات البسيطة إلى “عادات” يومية.
إليكم أبرز الخطوات التي يمكننا اعتمادها “لوقف” المرض والبدء بالتحكّم بزمام صحتنا. فلنطوّر العادات اليومية التالية:
تناول الطعام الملائم ممارسة الرياضة التأمّل التحكّم بالأفكار والمشاعر النوم السليم تفادي التعرّض للسموم البيئية أو الحدّ منها التواصل مع الأشخاص الذين نحبّهم
أتعلمون بأن جيناتنا مستعدة للتعاون؟ إن جيناتنا تصغي إلينا بشكل دائم، فهذه صفة كائنة فيها. ومن هنا، إن كنتم تعانون من مشكلة صحية معينة وعوضاً عن توجيه الملامة للجينات، اصغوا إلى ما يحاول جسمكم إخباركم به، فكّروا بما يجب تغييره في محيطكم، واعملوا على ذلك بشكل راسخ، وراقبوا كيف ستتحسّن صحتكم.
وفي الختام، أودّ أن أشير إلى قول لدان بيوتنر، يقول فيه: “الحياة المديدة السليمة ليست وليدة الصدفة، فهي تنبثق عن الجينات الجيدة، إلا أنها تعتمد على العادات الجيدة”.