تؤثر العلاقات الأسرية على الصحة النفسية بشكل كبير، وقد أثبتت الكثير من الدراسات بأن العلاقات الاجتماعية، ولاسيما العلاقات الأُسرية تترك آثارها الطويلة الأمد والقصيرة الأمد على الصحة النفسية. وبحسب طبيعة العلاقة ضمن العائلة، يمكن تعزيز الصحة النفسية أو حتى التأثير عليها سلباً. يمكن للأهل ومقدّمي الرعاية التأثير بشكل كبير في جزء أساسي من حياة أولادهم، فيرشدوهم ليصلوا إلى مكان أفضل عبر تعزيز صحتهم النفسية. ويشكل ذلك عنصراً هاماً جداً على صعيد الصحة، بما في ذلك الصحة العاطفية، والجسدية، والعلائقية والروحية، وهي نواحٍ تتداخل وتترك كل منها أشدّ الأثر على الأخرى. فإن اختلّ التوازن في ناحية من هذه النواحي، يختلّ التوازن على صعيد الصحة النفسية. ومن هنا، أهمية مواجهة التحديات بالأساليب الصحيحة وذلك للحفاظ على توازن مختلف هذه العناصر في حياة أولادنا. العائلة نعمة! إلا أننا، كأهل، نخوض معركة مستمرة على صعيد طريقة تفكير أولادنا، ومن هنا، فالنظر من حولنا وتسليط الضوء على المجتمع أكثر من ضرورة لفهم مستوى التحدي الذي نواجهه. فعلى سبيل المثال، كم من مرة تطرح الكتب، والأفلام، والموسيقى من حولنا تساؤلات حول قيمنا الأخلاقية؟
فالمعركة مع طريقة تفكير أولادنا أشبه بالمعركة ضد الجراثيم وبنفس مستوى أهميتها. فقد اكتشف العلماء بأنكم إن هاجمتم الجراثيم بشكل مباشر، فأنتم تسهمون في تقويتها. إلا أنه، إن كان ردّ جهاز المناعة في الجسم على الجراثيم مدروساً بحذر ومخطط له، فحينها فقط يمكن القضاء على الجراثيم. ومن هنا، من الضروري تعليم الجسم كيفية محاربة الجراثيم للقضاء عليها، هكذا يجب النظر إلى الناحية النفسية على أنها عنصر أساسي لاستمرار العائلة ولاسيما الأولاد. ويمكن للتفكّك في بنية العائلة أن يؤدي إلى عدد من الأحداث المزعجة التي تترك آثارها على الصحة النفسية للأهل والأولاد. إلا أنّ النتائج الناجمة عن التفكك تختلف باختلاف مستوى التفكك في الأسرة ونوعه. وتكثر المشاكل السلوكية والعاطفية في العائلات التي تنقلب رأساً على عقب بسبب الطلاق مقارنة بسواها من أنواع التفكك الناجمة عن وفاة أحد الوالدين على سبيل المثال.
وقد تمّ تحديد بعض السمات لدى مقدّمي الرعاية والأولاد، اعتُبرت عوامل احتمال التعرّض لخطر الإساءة. ومنها صِغر السنّ، والاكتئاب، والفقر، والإدمان ومعاناة الأم والأب من مشاكل في طفولتهم. وتؤثر معاناة الأهل من المشاكل النفسية على زيادة معدلات الاكتئاب لدى الأولاد، وسواها من الاضطرابات النفسية مقارنة بالأولاد الذين لا يعاني أهلهم من أي أمراض نفسية. ولكن، ما من داعٍ للهلع! فهذا ليس الهدف من المقالة، بل على العكس، أنا أسعى لنشر التوعية حول أهمية الديناميكية الأُسرية وتأثيراتها على مستقبل الأولاد. ومن هنا، أهمية أن يخضع الأهل للعلاج ويسلطوا الضوء على عافية الأولاد لئلاّ يضطروا إلى التعامل مع مرضهم في المستقبل.
فالعائلة ذات الصحة النفسية السليمة هي عائلة سعيدة!
