تكثر فوائد نوم الزوجين في الغرفة نفسها. إلا أنه، لا يمكن لذلك أن يأتي على حساب النوم العميق المجدِّد للطاقة. فالأشخاص الذين يحظون بليلة هادئة ونوم سليم يملكون فرصاً أعلى في التمتّع بعلاقة حيوية مع الشريك. فالنوم السليم يسمح لهم بأن يحافظوا على صحتهم ويسهموا في ازدهار حياتهم الزوجية.
النوم السليم أولوية بشكل عام، فإن الأزواج اليافعين أو الأزواج الحديثي العهد يستفيدون أكثر من النوم معاً في السرير نفسه. وقد أثبت بحث أجري في العام ٢٠٢٠ على مثل هؤلاء الازواج زيادة بنسبة ١٢٪ في فوائد النوم، ما يؤدي إلى مزيد من الثبات العاطفي، والشعور بالأمان والحبّ. ومن المعروف بأن الأزواج الحديثي العهد يزامنون أنماط نومهم مع ارتفاع ملائم لمستويات السيروتينين والدوبامين، وهي هرمونات “السعادة”. إلا أنه، ومع الوقت، تضيع هذه القدرة على المزامنة، ويعود كلّ شريك إلى مستوى النوم الأساسي. ويمكن لعدد من الممارسات غير الصحية المرتبطة بالنوم، والتي تحدث في السرير الزوجي، أن تصبح عبئاً على نوم كل من الزوجين. فغالباً ما يفضل الرجال النوم في غرفة باردة، فيما تحبّ النساء الغرفة الأكثر دفئاً. وقد يبادر أحد الزوجين إلى مشاهدة التلفاز أو تصفّح الهاتف في السرير، ما يزعج نوم الشريك. وقد يضيء أحدهم النور لمطالعة كتاب، فيما يفضّل الشريك النوم في ظلمة قاتمة. كل تلك العادات تعيق النوم وتسبب التوتر في البيئة المخصصة للنوم.
ومع التقدم في السنّ، يصبح النوم في السرير نفسه، أو حتى في الغرفة نفسها مشكلة لأحد الزوجين أو لكليهما. فالمشاكل الصحية المرتبطة بالتقدم في السنّ، وسوء انتظام المزامنة ما بين الشريكين، أو الإفراط في الشخير، أو انقطاع التنفس أثناء النوم هي بعض المشاكل التي يعاني منها الزوجين المتقدمين في السن ليلاً، إذا ما ناما في السرير عينه. وغالباً ما تكون النساء هنّ المنزعجات أكثر من هذا التدبير؛ فقد أشارت الأبحاث إلى أن النساء يحظين بنسب نوم أقل، تبلغ نحو 42% كمعدل مقارنة بأزواجهنّ.
أتستطيعون أن تعيشوا سعداء في علاقة إن استيقظتم كل يوم منزعجين وبالكاد كنتم قادرين على العمل كلّ يوم؟ طبعاً لا. ففي الحياة الزوجية، إن منح الاولوية للنوم بشكل منفرد أكثر أهمية من عدم النوم بشكل جيد؛ فالنوم السليم يعزز الصحة النفسية والجسدية، ويعزز التواصل، ومن شأنه إفساح مزيد من المجال للحظات الحميمية، حتى أنه قد يحول دون حصول ضجر في الحياة الزوجية. إلا أنه، وللأسف، يضحي عدد من الأشخاص بالنوم السليم ويعانون طوال ليال لأنهم يخشون اعتماد تدبير آخر، عوضاً عن النوم في السرير نفسه مع الزوج، إذ قد يعتبر ذلك إشارة إلى وجود مشكلة في الحياة الزوجية. فسمة العار هذه منتشرة بكثرة ويتم تقبلها كواقع من دون أن يكون لها أي أسس علمية.
موجز تاريخي حول طريقة نوم الأزواج قد تتفاجئون حين تعلمون بأن عادات النوم لدى الأزواج الذين يعيشون حياة زوجية صحية اختلفت بشكل كبير على مر الأزمان. فخلال العصور الوسطى، كانت معظم الأسر تنام في غرفة صغيرة. إلا أن اللورد الثري وصاحب النفوذ، فيتشارك السرير الزوجي مع زوجته، ضمن الغرف المخصصة لأصحاب السيادة. وفي الغرفة الواسعة ذاتها، يكون الثنائي محاطاً بخادمات السيدة وبعدد من الضباط الرفيعي المستوى، الذين ينامون في أسرّة أصغر لخدمة أسيادهم وحمايتهم. ويكون للسرير الزوجي ستائر يسحبها الزوجان للحصول على بعض الخصوصية. ففي تلك الحقبة، لم يكن النوم بشكل منفرد مقبولاً، لأن البقاء على انفراد وبشكل خاص، لم يكن آمناً بالنسبة إلى الأغنياء. فكلما كان المرء محاطاً بالناس، كلما كانت مرتبته الاجتماعية أعلى. ومع مرور الزمن، انقلبت المقاييس: فقد باتت مشاركة السرير عادة يعتمدها أبناء الطبقات الاجتماعية الدنيا. فكلما ارتفعت مكانتهم الاجتماعية، كلما نام الزوجان بشكل منفصل وبعيد الواحد منهما عن الآخر. وكان أزواج الطبقة المتوسطة يتشاركون السرير، فيما يتشارك أفراد الأسرة الباقين سريراً آخر، في غرف أخرى أحياناً. أما الأزواج الأثرياء، فكانا ينامان في غرفتين منفصلتين لتعزيز خصوصيتهما، على أن تكون الغرفتين متصلتين بردهة مشتركة تتضمن سريراً كبيراً يخصص للحظات الحميمية. وفي نهاية القرن التاسع عشر، نصح مقترحو “حركة التدابير الصحية المنزلية” الأزواج الذين ينامون في الغرفة عينها، أن يناما على سريرين منفصلين، كتدبير احترازي صحي. فقد حذّر الأطباء من استنشاق جراثيم الشريك ومن أن الشخص الذي يستغرق في النوم أكثر من شريكه، قادر على امتصاص حيوية الراقد الأضعف، ما يؤدي إلى مرض ذلك الأخير. وفي نهاية عشرينات القرن الفائت، أصبح السريران المنفصلان موضة رائجة في غرفة النوم، ما اعتبرها الأزواج موضة “عصرية” قابلة لأن تستخدم لوقت طويل. وفي النصف الثاني من القرن العشرين، عاد الأزواج تدريجياً إلى النوم على سرير واحد، بغض النظر عن وضعهم الاجتماعي. وقد اعتبر النوم في سريرين منفصلين علامة على التباعد الزوجي أو فشل الحياة الزوجية. في يومنا هذا، يُشار إلى الأزواج اللذين ينامون في أسرة منفصلة على أنهم يعانون من مشاكل في علاقتهما، بيد أنه ما من أبحاث تدعم هذا الإدعاء. أما بالنسبة إلى اعتماد السريرين المنفصلين، فقد بات ذلك أمراً مقبولاً وعصرياً في يومنا هذا. النوم بشكل منفصل أظهرت دراسة أجريت في العام ٢٠١٧ بأن ٢٥٪ من الأزواج، أي ثنائي واحد من أصل أربعة، في الولايات المتحدة الأميركية ينامون بشكل منفصل، وهم يعيشون علاقات سليمة وصحية. وقد كانت هذه الأرقام شائعة لدى الأشخاص الذين يبلغون أكثر من ٥٠ عاماً، إلا أن هذه الظاهرة باتت أكثر شيوعاً لدى الأزواج الأصغر سناً. ويشهد مصممو الديكور الداخلي ازدياداً في هذا التوجه لدى عملائهم الأثرياء الصغار في السنّ، إذ يُطلب من مصممي الديكور تصميم غرفتي نوم منفصلتين حيث يحق لكل واحد منهما إضفاء أسلوبه الخاص على غرفته. ويفيد الأزواج اليافعين بأن النوم في سريرين منفصلين يشعرهم بالراحة، ويضمن حصولهم على قسط مريح من النوم. وبغض النظر عن الطريقة التي تختارون اتباعها للنوم مع الشريك، كونوا منفتحين على الخيار الأمثل الذي يحثكم على أن تنعموا بنوم هادىء مريح. “عمت مساء يا حبيبي”، كانت لوسيل بول تقول لزوجها ديزي فيما ينام كلّ واحد منهما في سريرين منفصلين ضمن برنامجها الشهير “The Lucy Show”.