أتعرفون بأن السيدة البالغة من العمر ٤٠ عاماً، والتي قد اعتنت ببشرتها وحمتها من أشعة الشمس تتمتع ببشرة سيدة في الثلاثين من عمرها؟ جميعنا ننتظر فصل الصيف حتى ننطلق باتجاه الأماكن المشمسة كالبحر والمنتزهات. إلا أنه وبالرغم من روعة قضاء الوقت خارجاً خلال فصل الصيف، برفقة الأهل والأصدقاء، إلا أن علينا أن نتذكر دوماً بأن لحظات السعادة هذه قد تستحيل كارثية ما لم نحمي أنفسنا من أشعة الشمس. فالتعرض المكثف وغير المحمي لأشعة الشمس من شأنه أن يؤدي إلى تطوير سرطان البشرة ويؤثر سلباً أيضاً على بقية أعضاء الجسم.
الشمس مصدر كبيرة للأشعة فوق البنفسجية، ومن المصادر الأخرى لهذه الأشعة نذكر تقنيات الاسمرار الاصطناعي. تحتوي الأشعة فوق البنفسجية على نسبة ضئيلة جداً من أشعة الشمس، إلا أن لهذه النسبة، ورغم نسبتها الضئيلة الكثير من الآثار السلبية. فهي قادرة على التسبب بضرر للحمض النووي لخلايا البشرة، ما يؤدي إلى إيقاف الجينات المسؤولة عن تنظيم آليات تنظيم خلايا البشرة، وترميمها ونموها. ويؤدي ذلك كله في النهاية إلى انتشار غير مضبوط لخلايا البشرة، وهو ما يشار إليه باسم “سرطان البشرة”.
هناك ٣ أنواع أساسية من الأشعة فوق البنفسجية:
الأشعة فوق البنفسجية الطويلة
غالباً ما ترتبط هذه الأشعة بالضرر الحاصل على المدى الطويل في الحمض النووي، وهي العوامل الأساسية المسبّبة لظهور التجاعيد لأنها قادرة على القضاء على ألياف الإيلاستين، ما يسبب الشيخوخة المبكرة والتجاعيد. وقد أجمع عدد من المؤسسات الصحية على أن أسرّة الاسمرار الاصطناعي تطلق كميات كبيرة من الأشعة فوق البنفسجية الطويلة ما يؤدي إلى تعريض الشخص الذي يتعرّض لها إلى خطر الاصابة بسرطان البشرة.
أشعة الموجة المتوسطة أو الموجة باء
تعدّ أنواع الأشعة هذه أشدّ خطورة من الأشعة فوق البنفسجية الطويلة إذ أنها قادرة على التسبب بضرر مباشر في الحمض النووي الخاص بخلايا البشرة، وهي مسؤولة أيضاً عن حروق شمسية حادة وعدد من أنواع سرطانات البشرة.
أشعة الموجة القصيرة أو الموجة سي
تضم هذه الأشعة مقداراً أكبر من الطاقة من الأشعة البنفسجية الطويلة والمتوسطة مجموعتين، إلا أنه ولحسن حظنا، فهي غير قادرة على اختراق غلافنا الجوي، وإلا لكانت آثارها كارثية.
مخاطر التعرّض للشمس بشكل كبير :
خطر الإصابة بسرطان البشرة
بالرغم من غياب أي إحصاءات واضحة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حول سرطان البشرة، تشير الإحصاءات إلى أنه في الولايات المتحدة الأميركية، يتمّ كل يوم تشخيص نحو ١٠ آلاف شخص بسرطان البشرة.
وتعدّ سرطانة الخلايا القاعدية من أبرز أنواع سرطان البشرة وأكثرها انتشاراً. وهي تظهر في الجلد الخارجية. وتأتي أنواع السرطان هذه كنتائج متوقعة للتعرض المكثف لنسب عالية من الأشعة فوق البنفسجية ذات الموجة المتوسطة.
وتعدّ سَرَطانَةٌ حَرْشَفيَّةُ الخَلايا النوع الثاني الأكثر شيوعاً لسرطان البشرة، وهو ينجم عن التعرض الطويل الأمد لأشعة الشمس على امتداد فترة طويلة من الزمن. وغالباً ما يرتبط هذا النوع من السرطان بالأشعة فوق البنفسجية الطويلة.
التسبّب بإيذاء أعضاء الجسم
تتأثر أعضاء الجسم، كالكلى على سبيل المثال، بالحرارة المرتفعة أو التعرض المستمر لأشعة الشمس. فحين ترتفع حرارة الجسم إلى ما هو أعلى من ٣٧ درجة مئوية، تظهر العديد من الردود الجسدية لمحاولة التخفيف من الحرارة والحفاظ على حرارة معتدلة، ومن أبرز هذه الردود، التعرّق.
فعند التعرض للشمس بكثرة، يضخّ القلب كمية إضافية من الدم، ما يؤدي إلى تقلّص الشرايين التي تدخل في أعضاء الجسم، ما يمنع وصول الدم إلى الأعضاء وقد يؤدي إلى فشلها. وبموازاة ذلك، تتسع شرايين البشرة عند تناقص الحرارة الزائدة. وتؤدي هذه الآلية إلى الحدّ من وصول دفق الدم إلى الكلى بنسبة ٣٠٪ وكنتيجة لذلك، ينخفض وصول الأكسيجين والمغذيات إلى الكلى، ما يؤدي في بعض الحالات إلى الفشل الكلوي.
انخفاض مستوى الخصوبة لدى الرجال
يعدّ فرط السخونة واحداً من أبرز أسباب انخفاض الخصوبة لدى الرجال. يحتاج تكون الحيوان المنوي إلى ظروف معينة لينمو بأفضل طريقة ممكنة. وتعد الحرارة المنخفضة بأربع درجات عن معدل حرارة الجسم الطبيعي (٣٧ درجة مئوية) الحرارة الأمثل لآلية تكون الحيوان المنوي. ومن هنا، فإن التعرض المستمر للشمس خلال الصيف يؤدي إلى جماد الحيوان المنوي وإلى موته في بعض الأحيان. وقد تمت برهنة ذلك من خلال اختبارات تحليل السائل المنوي التي كشفت عن انخفاض عدد الحيوانات المنوية وتكونها بشكل غير طبيعي، ما يؤدي في النهاية إلى العقم.
وفي الختام، نؤكد على ضرورة اتخاذ عدد من التدابير الوقائية عند التعرض لأشعة الشمس، أو عند التعرض لعادات يومية تؤدي إلى ازدياد حماوة الجسم.
تتلخص التدابير الوقائية بما يلي:
ترطيب الجسم
حين تنوون قضاء اليوم في الخارج، إحرصوا على الحفاظ على جسمكم رطباً وشرب الماء بكثيرة، وحتى إن لم تشعروا بالظمأ. وفي هذا الإطار، تنصح إدارة السلامة الوظيفية والصحة في الولايات المتحدة الأميركية في إرشاداتها، العمال الذين يقضون يومهم في الخارج، بشرب الماء كل ١٥ دقيقة.
استخدام الواقي الشمسي
تعدّ كريمات الوقاية من الشمس السلاح الأكثر فعالية لمحاربة التعرض المكثف للأشعة فوق البنفسجية لأنها تمنع الأشعة الطويلة والمتوسطة من الدخول إلى الجسم. ضعوا كريم الوقاية من الشمس كل ١٥ إلى ٣٠ دقيقة من تعرضكم للشمس. إحرصوا على قراءة الملصق قبل اختيار كريم الوقاية من الشمس. ومن أفضل أنواع كريمات الوقاية من الشمس تلك التي تتميز بخصائص حماية شاملة أي تحمي من الأشعة الطويلة والمتوسطة، والتي يبلغ مستوى الحماية فيها ٣٠ درجة وأكثر. لذا، احرصوا على قراءة الملصق واستعملوا الكريم وفق التعليمات المنصوص عليها.
وضع قبعة
إن وضع قبعة لها حافة طولها ٥ سم على الأقل كفيلة بحماية فروة الرأس، الأذنين، العينين، الجبين والأنف. ويمكن لحافة القبعة غير العاكسة للشمس والداكنة اللون أن تخفف من خطر التعرض للأشعة فوق البنفسجية بسبب انعكاس أشعة الشمس من المسطحات العاكسة كالماء.
ارتداء الملابس
تؤمن الثياب مستويات مختلفة من الحماية من الأشعة فوق البنفسجية. إذ تؤمن الألوان الداكنة حماية أكبر من الملابس ذات الألوان الفاتحة. وغالباً ما تكون قدرة الملابس الجافة على الحماية من أشعة الشمس أعلى من قدرة الملابس الرطبة، في حين أن الملابس الضيقة تؤمن حماية أكبر من الملابس الفضفاضة.
الجلوس في الظلّ
إن الجلوس في الظلّ هو طريقة بديهية وهامة للحد من التعرّض للأشعة فوق البنفسجية، ولاسيما خلال ساعات اليوم التي تكون فيها الشمس في أوجها، أي ما بين الساعة العاشرة صباحاً والرابعة من بعد الظهر.
تفادي القيام بجلسات اسمرار اصطناعية
غالباً ما تصدر آلات الاسمرار الاصطناعي أشعة فوق بنفسجية طويلة ومتوسطة، في الوقت الذي ارتبط فيه استخدام أسرة الاسمرار الاصطناعية بارتفاع خطر الإصابة بالورم الملاني.
لا تستخفوا أبداً بالآثار السلبية للتعرض المستمر لأشعة الشمس لأن النتائج تستغرق سنوات لتظهر.
إلا أنه، ما من ضرورة لتفادي التعرض لأشعة الشمس بشكل نهائي، إذ أن التعرض لها هو الطريقة الأمثل للحصول على مقدار كاف من الفيتامين دال، كما أن أشعة الشمس تحسن المزاج وتقدم لفوائد صحية كثيرة. لذا، يستحسن اتباع توصياتنا للتمتع بأشعة الشمس بأمان.