تكثر على شبكة الانترنت المعلومات حول الفوائد الصحية للتطوع، وكيف يسهم التطوع في الحفاظ على التواصل مع الناس، ويخفّف من الشعور بالوحدة، ويمنح الحياة معنى. وتشير معظم المقالات التي تتطرق إلى هذا الموضوع إلى أن التطوّع يخفف من التوتر، والقلق والاكتئاب، ويضفي معنى على الحياة، ويحافظ على اللياقة البدنية والفكرية، ويعزّز الارتباط مع الآخرين.
أنا أؤيد كل ما قيل وأثني عليه. فقد أسهم التطوع في التخفيف من الشعور بالوحدة الذي كان يعتريني، وأسهم في زيادة الشعور بالرضى عن حياتي، وقدم لي “خارطة طريق” عملية لعيش حياة صحية. واكتشفت أنه، ومن خلال الانخراط في المجتمع، حصلت على طائفة كبيرة من الفوائد العملية والنظرية. وقد اكتسبت مهارات جديدة، طوّرت علاقات جديدة وهادفة، وشعرت بأنني أكثر قوة، كما تحسنت صحتي، ورحت أستمتع بالتحسينات الناجمة عن تطوعي في مجتمعي ومحيطي. إنها قصة حقيقية.
ملاحظة: لا أقصد القول بأنه عند التطوّع والانخراط في المجتمع أكثر، لن تمرضوا أبداً! ستمرضون، وستعانون من الانزعاجات وكل ما شابه ذلك، إذ أنّ التطوّع لن يشفيكم.
إلا أن التركيز على التطوع والهدف من ورائه يضفون معنى على حياتكم، ما يساعدكم على تخطي الأوقات العصيبة. يسهم التطوع في جعلكم تنسون حالة “الذاتية” التي تدفعكم نحو شعور من اليأس، والفراغ، والكآبة، وسواها من المشاعر المدمّرة، ويدفعكم نحو حالة من “الغيرية” التي ترفع مشاعركم وتخفف من إحساسكم بالشفقة على نفسكم، تريح قلقكم وتبعدكم عن الاكتئاب.
من منظار شخصي، أجد بأن تخصيص بعض الوقت “لمساعدة” الآخرين هو في الواقع طريقة أخرى لمساعدة الذات. وقد وجدت بذلك طريقاً مختصراً أكيداً للتحكم بأمراضي، سواء أكانت كبيرة أو صغيرة، جسدية أو نفسية، والهروب منها … بكلّ ما للكلمة من معنى.
ما إن ارتبطت بمشاريع خاصة بالمجتمع (تنظيم حملات جمع تبرعات، إدارة صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بمنظمة غير حكومية، التحدث إلى مجموعة الدعم الخاصة بسرطان الثدي التي أنتمي إليها)، نسيت مرضي، وشعرت بأنني قوية، واستمتعت بنتائج عملي وإنجازاتي.
قد يقول البعض بأن هذا الشعور لا يعني التمتع بصحة جيدة. ولكن ما هو حقيقة التمتع بصحة جيدة؟ من منا سليم ومعافى بنسبة ١٠٠٪. لكل منا مشاكلة الصحية، وأمراضه، سواء أكانت صغيرة أو كبيرة، هامة أو عرضية. لذا، فالشعور بالصحة هو أمر نسبيّ، أمر ينطلق من الفكر. وتتسم الأعمال بقدرتها المذهلة على التأثير على الفكر.
أنا في الرابعة والخمسين من عمري، لي كِلية واحدة، وقد خضعت لعملية استئصال للثدي. فإن كان التمتع بالصحة يعني بأنني أتوق للتواصل بشكل هادف مع الناس، ولتخصيص وقتي لمساعدة الأشخاص الذين يحتاجون إليّ، فأنا إذاً سليمة ومعافاة بنسبة ١٠٠٪
ولاختبار هذا النوع من “العافية”، أنصحكم بأن تنخرطوا في نشاطات ضمن مجتمعكم، إذ يسهم ذلك في تحسين جزء من حياة شخص ما.
إليكم ما عليكم القيام به::
- اختاروا قضية تهمكم، الأولاد، المسنون، البيئة، حقوق الحيوانات، إلخ … هناك الكثير من الخيارات.
- اسعوا لتعرفوا كيف تستطيعون تقديم المساعدة (هذا الأمر بحدّ ذاته يمنحكم سعادة جمّة).
- قرروا المبادرة – قد يكون ذلك عبر إعطاء دروس مجانية في منزلكم لأطفال أو مسنين، أو زراعة أشجار أو تنظيم حملة جمع تبرّعات.
- التزموا للتطوع خلال بضع ساعات في الأسبوع، أو أكثر إن كان وقتم يسمح بذلك.
- راقبوا كيف ستتحسّن حياتكم تدريجياً ولكن بخطى واثقة.
انطلاقاً من خبرتي الشخصية، أقول لكم بأنني حين أتطوّع لخدمة الآخرين، دائماً ما أكون أنا المستفيدة الأولى. وكلما زاد انخراطي في مجتمعي، كلما كثرت الفوائد التي أجنيها. فقد قرأت يوماً ما هذه العبارة: “في رفاهيتهم تكمن رفاهيتك”. وتنطبق هذه العبارة خير تطبيق على التطوع، فالنتائج الإيجابية لأعمالكم ستنعكس عليكم وتعود إليكم أضعاف أضعاف.