حذّرتني معالجتي الفيزيائية من أن ذراعي قد تتورّم في أي لحظة من دون معرفة السبب. وعلى الرغم من ذلك تجاهلت تحذيرها اذ اعتقدت أنّني شفيت تمامًا بعد خضوعي لتدليك التصريف اللمفاوي اليدوي (MLD) ووضع ضمادات الضغط القاسية لعدّة أشهر.
تفاقمت الوذمة اللمفية بسبب استئصال الثدي في جانبي الأيمن تلاه العلاج الإشعاعي. فبعد أسابيع قليلة بدأت ذراعي تنتفخ. كان الورم طفيفًا في البداية، لكنه سرعان ما أصبح شديدًا وبشعًا وإلى حدّ كبير مصدرًا للإزعاج. ففي البداية، بدأ الورم بالحدّ في خياراتي فيما يخصّ لبسي، ثم بدأ ذلك يؤثرعلى كيفية إستخدام ذراعي وعلى نومي. وسرعان ما أثّر ذلك على صحتي العاطفية والنفسية.
لحسن الحظ، وجدت معالجة فيزيائية مختصّة بالتصريف اللمفاوي. بدأنا العلاج بتدليك التصريف اللمفاوي كل يوم لمدة ثلاثة أسابيع ومن بعدها انتقلنا إلى لفّ الذراع بضمادات الضغط. فاضطررت إلى وضع هذه الضمادات على ذراعي لمدة تصل إلى ٢٠ ساعة في اليوم. وتكرّر هذا السيناريو مرة كل يوم آخر لمدة أسبوعين، ثم مرتين في الأسبوع لمدة أسبوعين آخرين حتى خفّ الورم وعاد إلى طبيعته تقريبًا.
في هذه المرحلة، طلبت مني معالجتي الفيزيائية زيارتها من حين إلى آخر من أجل جلسات دعم، وأوصتني بممارسة الرياضة وخصوصًا رفع الأوزان الخفيفة. وحذّرتني من أن الورم قد يظهر فجأة بسبب لدغة البعوض أو الرطوبة أو الطقس الحار أو البارد أو أي سبب مجهول. كما شدّدت على ضرورة الاستمرار في لفّ ذراعي بالضمادات.
ولكنّني كنت سعيدةً جدًا بالنتائج، فتجاهلت تحذيراتها.
لفترة من الوقت، تمكّنت من التحكم في أيّ ورم طفيف ظهر في ذراعي، إمّا عن طريق إراحته لبضعة أيام، أو من خلال رفع ذراعي على وسادة، أو ارتداء الكمّ الضاغط، أو وضع ذراعي فوق رأسي كلما استطعت. وخلال هذه الفترة، اتبعت نظامًا غذائيًا منخفض الصوديوم، وشربت لترين من الماء يوميًّا، ومارست التمارين ورفعت الأثقال الخفيفة لمدة ٣٠ دقيقة خمس مرات في الأسبوع، ومارست اليوغا كل مساء. فلم تتورم ذراعي مرة واحدة خلال هذه الفترة. ولكن لسوء الحظ، سرعان ما كسرت هذا الروتين.
بعد بضعة أشهر، استيقظت ذات صباح وذراعي متورمة أكثر من العادة. وبغض النظر عن كم حاولت جاهدة هذه المرة القيام بالنصائح التي ذكرتها سابقًا، لم أتمكن من تخفيف الورم. لذلك قمت بزيارة معالجتي الفيزيائية لبضع جلسات وبدأت في وضع الضمادات من جديد. إلّا أنّ الورم ظهر مجددًا في اليوم التالي. لقد عدنا إلى نقطة البداية.
الحقيقة هي، أنّ هذه المرة، لم أضع الضمادات لمدة تزيد عن ٢٠ ساعة. ولم أكن أمارس الرياضة، وكنت آكل بشكل عشوائي. فاعتقدت أنني انتهيت من هذا العلاج الطويل والغريب والمزعج. ولم أكن أرغب في خوض هذه التجربة مرة أخرى. ففي الواقع، كنت على يقين تامّ بما يتعيّن عليّ فعله، لكنني لم أفعله! وبات يزداد الانزعاج أكثر وأكثر!
بدأت مجددًا الذهاب لدى معالجتي الفيزيائية.
هذه المرة، فسّرت لي كيف أقوم بتدليك التصريف اللمفاوي بنفسي. والآن أمارس هذا التدليك مرة واحدة على الأقل يوميًّا. وأطلعتني أيضًا على مادة وتقنية الضمادات الصحيحة، مشيرة إلى أنه يتعين علي تغيير مادة الضمادات (اسفنج، قماش قطني، ضمادات، شاش الإصبع) كل ٤ أو ٥ أشهر اعتمادًا على عدد استعمالها وغسلها، اذ تفقد مرونتها وكفاءتها. وقد ساعدتني في اختيار كمّ الضغط الخاص بي.
ألتزم الآن بوضع الضمادات ل٢٠ ساعة أو أكثر يوميًّا. وأحافظ على رطوبة ذراعي طوال الوقت، وعندما لا ألفها بالضمادات، أرتدي الكمّ الضاغط أثناء قيامي بالأنشطة اليومية المعتادة.
بالإضافة إلى ذلك، عدت إلى إعتماد نظام غذائي منخفض الصوديوم وزدت من شرب الماء. وأوصىتني معالجتي الفيزيائية بالتنفس العميق ونصحتني بممارسة التمارين التي تحفز الجهاز اللمفاوي؛ لقد أدخلت هذا الروتين إلى يومي مجددًا، خصوصًا قبل لفّ ذراعي. كما بدأت بممارسة اليوغا مرة أخرى.
أحرص أيضًا على زيارة معالجتي الفيزيائية بانتظام من أجل جلسات دعم.
يساعدك النظام أعلاه في السيطرة على الورم ويمكّن ذراعك من العمل بشكل جيد! ومع ذلك، فإن أهمّ درس تعلمته هو أنّ التحكّم بالوذمة اللمفية هو بيدي أنا أوّلًا. فمعالجتي الفيزيائية لا تستطيع أن تساعدني ما لم أساعد نفسي أوّلًا، والأمر يعود لي بتثقيف وتطوير نفسي فيما يتعلّق بالنصائح الأساسية ذات صلة. وأدركت أيضًا أنه بمجرد تقبّل أنّ الوذمة اللمفية هي حالة دائمة سترافقني مدى الحياة، وأنه يجب أن أتمرّن لإدارتها ذاتيًا كجزء من روتيني اليومي، أصبح الأمر برمته أكثر تحكمًا وأقل إزعاجًا.