“بعد مئات السنين، لن يكون رصيدي في المصرف مهماً، ولا نوع المنزل الذي أقيم قيه، ولا نوع السيارة التي أقودها … إلا أن العالم قد يكون مختلفاً لأنني كنت مهماً في حياة طفل ما” فوريست إ. ويتكرافت
بصفتنا أهل، فنحن نلعب دوراً هاماً في تربية أطفالنا بشكل سليم.
ومن هنا، فأنا أسمح لنفسي بأن أطرح عليكم بعض الأسئلة القاسية والمهمة:
هل سبق لكم أن تمنيتم الحصول على طفل مختلف؟
هل سبق لكم أن حلمتم بامتلاك طفل مميّز؟
كم من مرة حاولتم أن تفرضوا على ولدكم ممارسة هواية معينة، نشاطاً، اختصاصاً، مساراً مهنياً، مهنة أو حتى الانخراط في مجتمع معيّن؟
في حال واردتكم أي من هذه الأسئلة، فأنصحكم بأن تتجرأوا وتطرحوا على أنفسكم السؤال التالي:
لِم أتمنى الحصول على ولد مختلف؟ مما يشكو ولدي؟
ماذا أعني بكلمة “مميّز”، ولماذا؟
لِم ألحّ على أن أفرض على ولدي ناحية أو أكثر من نواحي حياتي؟
والآن، وقبل تخصيص الوقت للتفكير بهذه المسائل، إليكم ما سيرد في هذا المقال، إذ قد يفتح آفاقكم ويقدّم لكم منظاراً جديداً حول الموضوع برمّته.
ما إن يولد طفل، يُطرح السؤال نفسه في مختلف أنحاء العالم: “من يشبه؟” وتبدأ عملية تحديد الشبه ما بين الولد وأهله.
في هذه المرحلة، يكون الشبه الجسدي هو الهدف الأساسي. فكلّما كان الشبه واضحاً، كلما شعر الأهل بالفخر.
وفي مرحلة الطفولة المبكرة، تبدأ شخصية الولد بالظهور. وبما أن الأهل هما المساهمين الأساسيين في تطوير الأمور التي يحبها الطفل وتلك التي لا يحبها، فهما يتمتعان بالقدرة على فرض ميولهم وتفضيلاتهم.
إلا أنه ومع هذه القدرة الكبيرة تتضاعف المسؤولية.
لسوء الحظ، يبذل معظم الأهل الكثير من الطاقة والجهد لتغيير شخصية الولد عوضاً عن تهذيب طباعه وصقلها.
وحتى ولو كان سلوكهم غير مقصود ومدفوعًا بالعاطفة، فإن هذا لا يعني بأنهم لن يتحملوا بعض العواقب المزعجة.
فبصفتكم أهل، عليكم السعي لإيجاد “السبب غير المقنّع” وراء كل عمل تقومون به، وكل قرار تتخذونه، وحتى كل نصيحة تسدونها وتتعلق بولدكم لأنها ستؤثر على مستقبله بكامله.
أما إدراك الذات، فسيساعدكم على أن تكتشفوا بأنكم وقعتم في فخّ اعتبار طفلكم نسخة مصغّرة عنكم. فقد عملتم جاهدين لتربيتهم بطريقة تتناسب وتوقعاتكم عوضاً عن خدمة منفعتهم. وقد تدركون أيضاً بأنكم لا تسعون لجعل تصرفات أولادكم تتناسب مع المعايير الأخلاقية السائدة أو القيم، بقدر ما كنتم تدفعونهم للالتزام بأحكامكم حيال الحياة.
إلا أنه، لا يفترض بولدكم أن يلتزم بالقواعد التي وضعتموها بسبب مخاوفكم أو شكوككم أو خيبات أملكم، أو صراعاتكم. لذا، عليكم أن تحرصوا على أن تنقلوا إليه الحكمة فحسب وتفسحوا له المجال ليتعلّم من أخطائه ومن خبراته.
وما إن تبلغوا هذه المرحلة من الوضوح، تسلكون الطريق الصحيح نحو تربية طفل فريد من نوعه.
ذكّروا أنفسكم باستمرار بالنقاط التالية:
طفلي ليس أنا
أحلامي ليست أحلامه
لا يفترض به تلبية دعوتي في الحياة
يجب ألا أقارن قدراتي بقدراته
مواهبي ومهاراتي وقدراتي هي ملك لي لأتمّم مهمتي في هذا العالم، ولأولادي مهام خاصة بهم ينجزونها.
كلّ مولود هو تحفة فنية خلقها الله.
دور الأهل هو أن يكونوا القادة، والقدوة لا الحكم.
احرصوا على أن تقدموا لأولادكم دوماً الدعم المناسب والحبّ غير المشروط.
تقبّلوا فرادتهم.
احتفلوا بفرادتهم في كلّ مرحلة من مراحل حياتهم.
لا تحمّلوهم أبداً مسؤولية ما فوّتم في حياتكم. بل على العكس، ساعدوهم على تجنب هذا الحمل عبر دعمهم ليكشفوا عن ذواتهم، ويعزّزوا قدراتهم، ويتقبلوا ضعفهم، والأهم من ذلك هو أن يعيشوا حياة تتناسب وقيمهم من صغر سنهم.
الأبوة والأمومة ليست بالمهمة السهلة. إنها المهمة الأكثر قدسية التي يمكن أن توكل إلى أي إنسان على الأرض لأنها تسهم في صقل مستقبل العالم برمّته.
ومن حسن الحظ، بأن الكثير من الأخصائيين من مختلف الميادين، يخصصون الوقت اليوم لمساعدة العائلات على التألق.
وقد وجدت الكثير من الأدوات وأساليب التقييم لدعم الأهل والأولاد في مسيرة اكتشاف الذات.
فإن كنتم أهلاً تتوقون للاحتفال بفرادة ولدكم، فلا تترددوا أبداً بالتواصل معنا.
إذ يسرنا دوماً أن نؤدي دورنا في جعل العالم مكاناً أفضل لأولادنا.
“تتمحور الأمومة حول تربية طفلكم والاحتفال به، لا حول تربية الطفل الذي ظننتم بأنكم ستحظون به. تقتضي الأمومة بأن تدركوا بأن طفلكم هو الشخص الذي يفترض به أن يكون. وبأنكم، إن حالفكم الحظ، قد يكون المعلم الذي يحوّلكم إلى الشخص الذي يفترض بكم أن تكونوا عليه”. جوان راين