“أنت مصابة بالسرطان”. لن يتوانى عن فكركِ يوماً صدى هذه الكلمات. إنه اليوم حيث فُرض عليكِ أن تقبلي ما يجري وما سيجري، إلا أنّ الأمور ليست بهذه البساطة.
فالشعور بوجود كتلة معيّنة في الجسم هي واحدة من اللحظات الأكثر حسماً في مسار السرطان. وعقب ذلك، يستغرق الدماغ فترة من الوقت ليعتاد هذه الكلمات. في هذه المرحلة، تخضع المريضة لصورة الثدي الشعاعية وصورة التشخيص بالموجات فوق الصوتية للحصول على صور شاملة ودقيقة للثديين. وتعدّ هذه الفترة قصيرة نسبياً بالنسبة إلى بعض الأشخاص، بالرغم من أنها قد تطول بالنسبة إلى آخرين، وذلك بحسب الفترة التي يتم فيها تأكيد التشخيص استناداً إلى البيانات المتاحة.
وحين يأتي يوم سماع التشخيص، يصاب بعض الأشخاص “بظاهرة النعامة” حيث يشعرون بمقدار كبير من الخوف يجعلهم يرفضون زيارة الطبيب حتى لا يتلقوا الأخبار السيئة. فيبدو الأمر وكأنهم يطمرون رأسهم في التراب تماماً كما تفعل النعامة لتفادي الخطر المحدق بها.
وغالباً ما تبدأ المسيرة بحالة من النكران، يليها مرحلة الغضب، فتقبّل الوضع. ويختلف هذا الأمر باختلاف الأشخاص ومراحل حياتهم، ومدى تدهور حالتهم وتقدّم مرضهم. وما هو أهمّ هو طريقة الحياة لا مجرد التعايش مع مرحلة ما بعد التشخيص.
لكي يتمكن الأشخاص من التأقلم مع تشخيصهم بالسرطان، ولتعزيز وضعهم النفسي، فإن إيجاد معنى للحياة وتقبّل المرض أمر أساسي. فكيف يجد المرء معنى لهذه المسيرة الملمّة بالتحديات؟
على هذا السؤال، تجيب فرح، الناجية من مرض السرطان: “خلال مسيرتي للتعافي من السرطان، وجدت معنى يتخطى الآلام والخوف. ومن خلال الأمل والحب، وجدت القوة وهدفاً جديداً لتمكين النساء اللواتي يختبرن مسيرة مشابهة.
فكل من عانى من أزمة قد طرح على نفسه السؤال التالي، أقله في ذهنه وبينه وبين نفسه، وقال: “لماذا؟ لِم حصل هذا معي؟ ماذا فعلت لأستحقّ ذلك؟” تأتي هذه الأسئلة لتشكل جزءاً من مرحلة الحزن الطبيعية. وعند الإصابة بالسرطان، فقد تحزنين على صحتك، على ثدييك المريضين، أو على سعادتك.
ومن هنا، فإنّ إيجاد المعنى الحقيقي هو في فهم السبب وراء ما حدث.
القبول: يستلزم إيجاد المعنى تقبلا شاملاً للفكرة، إذ يسمح ذلك لفكرك بأن يعرف أنك مدركة لما يجري. وحينها ستتمكنين من تقبّل ما حصل أخيراً، وبالتالي ستتمكنين من الخروج من الأزمة أقوى من ذي قبل. إعادة إكتشاف الأشخاص المقرّبين: للتعامل مع الخسارة، من الضروري جداً إيجاد المساعدة. وفي معظم الوقت، يكون الأصدقاء وأفراد الأسرة هم أكثر من يساعدونك. إلا أنهم لا يمكنهم قراءة ذهنك، مهما كانوا مقرّبين منك. ولذا، وقبل أن يقدموا لك المساعدة، عليك أن تكوني مستعدة للتعبير عن مشاعرك وعمّا تحتاجين إليه. تحديد الأولويات والتخطيط: ضعي خطة لصحتك. كوني استباقية في ضمان عافيتك الجسدية، والنفسية، والعاطفية، سواء أكان ذلك على صعيد العلاج، المطالعة أو تخصيص وقت للاسترخاء. التفكير باعتماد العلاجات المكمّلة: تسهم التغذية السليمة، والوخز بالإبر، والطب الصيني، وتقنيات الفكر والقلب، وممارسات الجسم والفكر في الحدّ من تأثيرات العلاج الكيميائي. ويمنحك ذلك مجالا أكبر للتمتع بوقتك مع الأشخاص المقرّبين إلى قلبك.
ختاماً، لا بدّ من الإشارة إلى أن اكتشاف الإصابة بالسرطان هي خبرة مغيّرة للحياة تجبر الأشخاص على التفكير في أهمية حياتهم. ومن هنا، فإن الخطوة الأساسية نحو التطوّر تقتضي تقبّل هذا الوضع، ومن ثم السعي للحصول على المساعدة وإعادة بناء العلاقات مع الأحباء ضماناً للصحة النفسية. كما أنّ منح الأولوية لتعزيز الصحة واعتماد العلاجات المكمّلة من شأنه تسهيل هذه المسيرة. ومن خلال اتباع هذه المراحل، يمكن للناس إيجاد معنى وقدرة على مواجهة الصعوبات، وبالتالي الخروج من هذه الخبرة مزوّدين بمعرفة أكثر دقة حول الحياة.