ما إن يطلع الطبيب المريض بأنه مصاب بمرض السرطان، حتى يسقط الخبر عليه سقوط الصاعقة، فيُصدم ويرفض التصديق، وبعد تلاشي آثار الصدمة، تسيطر على المريض حالة من القلق، الغضب، الخوف والاكتئاب. وقد ينتابه أيضاً شعور بالتعب، ويجد صعوبة في اتخاذ القرارات والتركيز، ويعاني من الأرق، وفقدان الشهية والانفعالية. تعدّ ردات الفعل هذه طبيعية، بالرغم من أنها غير صحية، ويستحسن ألا تدوم.
وبناء عليه، من الضروري أن يبدأ المريض باتخاذ قرارات مُدركة حول خيارات العلاج المتاحة أمامه. فبالإضافة إلى العلاجات التقليدية لمرض السرطان كالجراحة، والعلاج الكيميائي والإشعاعي، يمكن للعلاجات المكمّلة أن تحدّ من الآثار الجانبية لهذه العلاجات التقليدية، وتحسّن صحّة المريض النفسية والجسدية، وتفيده أيضاً أثناء فترة المعافاة.
ما هي العلاجات التقليدية لمرض السرطان؟
تعرف العلاجات السائدة أو التقليدية لمرض السرطان على أنها العلاجات التي سبق أن تمّ اعتمادها واستخدامها بشكل شامل، وقد أثبتت فعاليتها علمياً واستناداً إلى الأدلة. فمنذ البداية، صُمّمت هذه العلاجات بهدف تشخيص مرض السرطان ومعالجته، وإبطاء عملية نموّه، أو الحدّ من عوارضه. ومن أبرز العلاجات التقليدية، نذكر الجراحة، العلاج الكيميائي، العلاج الإشعاعي، المعالجة المناعية، والعلاج الهرموني.
ما هي العلاجات المكمّلة لمرض السرطان؟
لا تقدّم العلاجات المكمّلة علاجاً لمرض السرطان بحدّ ذاته، إلا أنها تقضي على السموم، تعزّز المناعة، وتحسّن بشكل عام، نوعية حياة المريض وصحته النفسية والجسدية. تسهم هذه العلاجات في إراحة المريض وجعله مسترخياً أثناء العلاج، فيشعر بأنه ممسك بزمام الأمور أكثر فأكثر ومشارك فعّال في العناية بصحته. ومن شأن هذه العلاجات أن تحدّ من الآثار الجانبية للعلاجات كالغثيان أو التعب، وتخفّف من الألم، وتساعد المرء على التعامل مع القلق والتوتر وسواها من التحديات التي قد تواجهه أثناء مسيرته العلاجية.
ومن العلاجات المكمّلة الشائعة الاستعمال، نذكر العلاج بالوخز بالإبر، العلاج بالعطور، التدليك، اعتماد حميات غذائية معينة، والعلاج النفسي. فعلى سبيل المثال، يعزّز العلاج بالوخز بالإبر جهاز المناعة ويحدّ من السموم المكدّسة في الكبد جرّاء العلاج الكيميائي، فيما يسهم العلاج بالعطور في الاسترخاء ويحسّن نوعية النوم.
تجدر الإشارة إلى أهمية التمييز ما بين العلاجات المكمّلة والعلاجات البديلة. إذ غالباً ما يتمّ الترويج للعلاجات البديلة على أنها علاجات “شافية لمرض السرطان” تحلّ محلّ العلاجات التقليدية السائدة، إلا أنّ هذه المزاعم تكون في غالبية الأحيان غير مُثبتة كما وتكون العلاجات غير مُختبرة علمياً. ومن ناحية أخرى، بات الكادر الطبي يميل وبشكل كبير إلى دمج مقاربات الطب المكمّل بالطب التقليدي في إطار العلاج من أمراض السرطان.
:إليكم بعض أنواع العلاجات المكمّلة الشائعة الاستعمال مع مرضى السرطان
- – العلاج بالضغط
- – العلاج بالوخز بالإبر
- – العلاج بالعطور
- – العلاج بالفنّ
- – العلاج بالتنفّس
- – العلاج النفسي، الجماعي أو الفردي
- – الحميات الغذائية الخاصة (الخالية من البروتين الحيواني)
- – الرياضة
- – التأمل التخيلي الاسترشادي
- – العلاج بالتنويم المغناطيسي
- – العلاج بالضحك
- – التدليك
- – التأمّل
- – اليقظة الذهنية
- – العلاج بالموسيقى
- – العلاج بعلم المنعكسات
- – الريكي (العلاج بالطاقة)
- – التاي تشي
- – العلاج بالتخيّل
- – اليوغا
تعزّز العلاجات الجسدية القدرة على التحمّل والقوّة، وتساعد على الاسترخاء والتعامل بشكل أفضل مع التوتّر. فممارسة الرياضة تساعد على التخلص من القلق، الاكتئاب، التعب والألم.
وبدوره، يشكّل النظام الغذائي المعتمد علاجاً هاماً لمرض السرطان. فتناول الأطعمة الملائمة قبل جلسة العلاج وبعدها من شأنه الإسهام في الحفاظ على مناعة مرتفعة، والتعامل بشكل أفضل مع مستويات الطاقة، وتغيّرات الوزن وحالات الإعياء.
أما تقنيات الوخز بالإبر والضغط فتساعد الجسم على أن يفرز المواد الكيميائية التي تخفّف من الألم، كالبيتا أندورفين والسيروتونين اللذين يفرزهما الدماغ. كما تسهم هذه التقنيات في الحدّ من الإعياء والتقيؤ الناجم عن العلاج الكيميائي وتخفّف أيضاً من عوارض أخرى، بما في ذلك: القلق، الإمساك، الإسهال، جفاف الفم، التعب، الفيبروماليجيا (متلازمة الألم العضلي التليفي)، آلام الرأس، نوبات الحرّ، فقدان الشهية، اضطرابات النوم والتغيّرات في الوزن.
بدورها، تساعد الممارسات المتعلقة بالجسم والفكر كالتأمّل واليوغا على السيطرة على المزاج، التوتر والصحة النفسية والجسدية.
أما العلاج بالفنّ والموسيقى فيحسّن الصحة الجسدية والنفسية عموماً ويسهم في تعزيز عملية المعافاة.
من جهته، يخفّف التدليك من حدّة الألم، ومن التوتر والضغط، كما يساعد على التحكّم بالتوتر، والاكتئاب، والتعب، وعوارض ما بعد الجراحة واضطرابات النوم.
خلال الأشهر المقبلة، سننشر مقالات مفصلة عن كلّ نوع من أنواع العلاجات المكمّلة.
فاختيار العلاج الأمثل رهن بالمقاربات التي يفضّل المريض اتّباعها، وبنصيحة الطبيب، وبالعلاجات المتاحة في محيط تواجده، وبقدرته المادية أيضاً. وقد يختبر المريض عدداً من العلاجات المكمّلة قبل أن يجد العلاج الأمثل له.
إيجاد المعالج الملائم
من المهم جداً التعامل مع أخصائي موثوق، وقد باتت بعض المستشفيات ومراكز الدعم الخاصة بمرض السرطان توصي بمعالجين معيّنين متخصّصين في العلاجات المكمّلة. وللراغبين أيضاً، يمكنهم تصفّح لائحة الأخصائيين المدرجة أسماؤهم وعناوينهم في قسم الدليل على موقعنا الإلكتروني، والتي تستحدث بشكل دوري. تجدر الإشارة إلى أنّ كلفة العلاج تتفاوت بحسب الأخصائي، البلد والمنطقة، إلا أنّنا وجدنا في لبنان بعض العلاجات ذات التكلفة المقبولة.
وختاماً، وبغض النظر عن الأخصائي الذي يختاره المريض، فمن المفيد جداً أن يثق به ويشعر بالأمان والراحة معه، ويؤمن بخطة العلاج التي يقترحها عليه. فعند إيجاد العلاج والمعالج الملائمين، يكتشف المريض فعلياً بأن العلاجات المكمّلة تقدّم الكثير من الدعم الضروري خلال مختلف مراحل العلاج من السرطان.
يسرّنا أن نطّلع على آرائكم حول هذا الموضوع. ألديكم خبرة في مجال العلاجات المكمّلة؟ هل هناك من أخصائيين تنصحون بهم؟ يرجى توجيه رسالة إلكترونية على hello@sohawellness.com