كم من مرّة لمتم القدر على تعاستكم؟ كم من مرّة حمّلتم القدر مسؤولية فشلكم؟ كم من مرّة رضيتم بما تقدّمه لكم الحياة وبرّرتم ما يحصل معكم بالقول: لم يكن هذا مقدّراً بالنسبة لي كم من الوقت هدرتم، وأنتم تشعرون وتؤمنون بأن الحياة تسير بعيداً عنكم، وليست مصمّمة خصيصاً لكم؟
الحقّ يُقال، إن الحياة كانت لتكون أسهل بكثير إن لم تكونوا تتحكمون بها، كانت الحياة لتكون غير هادفة، إلا أنها لكانت حتماً أسهل بكثير.
فحين لا تملكون خيار التحكّم بالأمور، لا يمكن أن تُلاموا على نتائج سلوكياتكم. ما يمنحكم دور “الضحية” التي تسعى دوماً لنيل تعاطف الآخرين في وجه المشقّات التي تصادفونها.
إلا أنه، يميل معظم الناس، ومن دون وعي، إلى عيش حياتهم كلّها حاملين شعار هذا المفهوم الخاطىء، لأنه أسهل بالنسبة إليهم. فذلك لا يستلزم أي جهد من قبلهم لتحسين نوعية حياتهم. فهذه وظيفة القدر. لذا، يقضون حياتهم بانتظار أن يتغيّر قدرهم أو أن يأخذ قدرهم المسار الصحيح.
وفيما تمرّ الايام، تكتشفون بأن تسليم حياتكم للقدر سيؤدي بكم إلى اليأس.
فعيش دور الضحية هو مخالف تماماً لطبيعة البشر. وسيبعدكم عن هويتكم، عن ماهيتكم الحقيقية وعمّن تستطيعون أن تكونوا عليه.
لقد منحكم الله الإرادة الحرّة لتتخذوا خياراتكم بأنفسكم.
ولا تأتي الحرية مجاناً، بل تأتي مقابل ثمن. وكل خيار نقوم به له تبعاته، والمرء يتحمّل مسؤولية هذه النتائج، فنحن نحصد ما نزرع وبالرغم من صعوبة ذلك، إلا أن المكافآت لا تُحصى ولا تُعدّ
فامتلاك القوة للاختيار يمنحكم القدرة على التغيير. وهكذا، تكونون أبطال قصتكم. وبالتالي، لن ترضوا بالحصول على أقلّ مما تستحقون، وما عملتم جاهدين للحصول عليه. وهكذا، ستبحثون عن الفرص عوضاً عن انتظار قدومها إليكم. فامتلاك القوة للاختيار يمنحكم القدرة على التغيير. وهكذا، تكونون أبطال قصتكم. ترضوا بالحصول على أقلّ مما تستحقون، وما عملتم جاهدين للحصول عليه. وهكذا، ستبحثون عن الفرص عوضاً عن انتظار قدومها إليكم.
لعلّكم تتساءلون الآن: كيف يعقل ذلك؟ إذ يستحيل التحكّم بكلّ الأمور”.
هذا صحيح. في الواقع، أنتم لا تستطيعون أن تقرروا متى تبدأ رحلتكم في هذا العالم وليس من حقكم أبداً أن تقرروا متى تنهونها. إلا أن كلّ ما يجري ما بين هاتين المرحلتين هو في يدكم وتحت تصرّفكم.
يبد أنه، وبالرغم من عدم قدرتكم على التحكّم بما يحدث في حياتكم، يمكنكم دوماً التحكّم بردات فعلكم حياله.
فالمشقّات قادرة على تدميركم بقدر ما تستطيع أن تمكّنكم وتعزّز قوّتكم. والأمر كلّه مرهون بالطريقة التي تقرّرون النظر فيها إليها.
فما أن تقرّروا تحمّل مسؤولية أعمالكم، تختارون أن تتعلّموا، وتتطوّروا، وتنموا وتنضجوا.
الحياة لا تستهدفكم، الحياة تمرّ.
القدر لا يتحكّم بمستقبلكم، بل قراراتكم هي التي تصنع مستقبلكم.
كلّ ما عليكم فعله هو التخلي عن الأمور التي لا تستطيعون التحكّم بها، وتحمّل مسؤوليات الأمور التي تستطيعون التحكّم بها.
فكلّ ما أو من يعترض طريقكم هو من صنع القدر، إلا أنّ ما تقررون القيام به حيال ما يجري معكم فهو خياركم، إنها إرادتكم الحرّة.
لذا، اتخذوا قراراتكم بانتباه، وبحقّ، وبحكمة.
تحلّوا بالإيمان، حافظوا على تفاؤلكم، كسّروا قيودكم، افردوا جناحيكم، حلّقوا عالياً، كونوا في الطليعة، والأهم من كلّ ذلك، تحكّموا بمجريات حياتكم وارسموا ملامح قصّتكم.