في أغلب الأحيان، نغضّ النظر عن العلاقة القائمة بين صحتنا الجسدية والعاطفية ووضعنا المالي، حين نفكّر بصحتنا الجسدية والنفسية عموماً.
العلاقة ما بين الصحة والمال
هناك تداخل ما بين صحتنا الجسدية، والعاطفية ووضعنا المالي، وحدوث خلل في واحدة من هذه النواحي يؤثر سلباً على النواحي الأخرى.
فبحسب دراسة أجرتها شركة أميركية تدعى RED Associates and Cognizant، فقد تبيّن بأن المشاكل المادية هي السبب الأساسي وراء المشاكل الصحية.
فالشعور بالقلق حيال وضعنا المالي من شأنه أن يُشعرنا بالتوتّر، والقلق والاكتئاب إضافة إلى مشاكل صحية كارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، والمشاكل المتعلقة بالهضم وسواها من المشاكل الصحية.
فحين نشعر بالتوتّر، يميل عدد كبير منّا إلى الانخراط في سلوكيات معيّنة كالإفراط في الطعام، أو الشراب أو التدخين، ما يسفر عنه نمط حياة غير صحي.
وعندما نتوتّر، يميل عدد كبير منّا إلى أن يصبح معكّر المزاج ويفقد التركيز، ويعجز عن النوم، ما يمهّد الطريق للإصابة بعدد من الأمراض البسيطة أو إلى جعل الحالات المرضية القائمة تتفاقم.
ما يؤدي إلى مزيد من الارتفاع في الفواتير الطبية.
تعدّ المشاكل المتعلقة بالمال شائعة ما بين الأفراد، والعائلات والمجتمعات. فبحسب دراسة أجراها البنك الدولي ومركز باسل فليحان اللبناني للدراسات المالية في العام ٢٠١٢، تبيّن بأن ٤٧% من اللبنانيين لا يضعون ميزانيات لمصاريفهم، وبأن ٥٠,٥% منهم لا يتذكرون كيف أنفقوا أموالهم خلال الأسبوع المنصرم، في حين أن ٣١% يحدّدون مصاريفهم بحسب رغباتهم من دون أن يراعوا ما يحتاجون إليه فعلاً، فيما لا يملك ٤٧% منهم أي خطة ادخار.
وفي مقالة نشرت في ٢٧ حزيران/ يونيو في مجلة Middle East Monitor، تبيّن وفق دراسة نشرها بنك الإمارات دبي الوطني بأن ٥٥% من المقيمين في دبي يملكون قروضاً على بطاقات اعتمادهم، فيما لا يملك ٦٩% من المقيمين أي خطط تقاعد، وبأن ٩٤% من سكان الإمارات العربية المتحدة يعانون من ضغوط مالية.
فما هي الخطوات التي يمكننا اتخاذها لتحسين وضعنا المالي وصحتنا الجسدية والنفسية بشكل عام؟
- • تغيير طريقة التفكير: فعوضاً عن الغرق في القلق حيال الوضع المالي، لِم لا نأخذ خطوة إلى الخلف، ونركّز على استراتيجيتنا المالية ونسعى لتعديلها.
- • تدوين المصاريف: من المهمّ أن ندوّن، مصاريفنا اليومية والشهرية. فلنضع لائحة بمختلف فئات مصاريفنا الشهرية، سواء أكانت صغيرة أو كبيرة. يسمح لنا ذلك بأن نحدّد الفئات التي نصرف فيها المال وتحديد المجالات التي يمكننا الحدّ من مصروفنا فيها.
- • ترتيب الحاجات وفق الأولوية: ما هي الأمور التي لا نستطيع العيش بدونها؟ لا بدّ وأن نتفادى الإنفاق العشوائي ونلتزم بإنفاق المال على الضروريات، إفساحاً في المجال أمامنا لتوفير المال.
- • وضع أهداف واقعية: فلنحدّد هدفاً ما نرغب بادّخار المال بغية تحقيقه. هل نودّ شراء منزل، دفع أقساط دراسية أو الذهاب في عطلة؟ وفيما نحدّد الهدف الذي سندّخر المال من أجله، نفكّر في الدور الذي يستطيع فيه شريكنا في الحياة أو أولادنا أو سواهم من المقرّبين من العائلة أخذه بعين الاعتبار، فهل يستطيعون المساهمة، أو أننا سنتكفّل بدفع تكاليف شهرية نيابة عنهم؟ فلنحدّد الإطار الزمني الذي يمكّننا من تحقيق هدفنا.
- • وضع ميزانية: استناداً لمراجعة للنفقات التي تمّ الاطلاع عليها، يمكن تقدير مبلغ المال الذي تتوقّع إنفاقه على كل فئة (الطعام، الملابس، الوقود، الإيجار، القسط المدرسي، إلخ) على امتداد الشهر ورصد الفواتير والدفعات.
- • وضع خطة ادخار واضحة: فلندّخر على الأقلّ ١٠% من مدخولنا الشهري ولنضعه في حساب ادخار أو استثماره في شهادات إيداع.
- • الالتزام بالميزانية وبخطة التوفير: ما إن نسجّل المصاريف، يمكن تعديل عادات الإنفاق للحفاظ على الهدف. ولنقم بتقييم التقدّم المُحرز في نهاية كلّ شهر. وفي حال حصول خطأ أو مصاريف غير متوقعة، نعيد التركيز ونقوم بتكييف الميزانية ونمضِ قدماً.
- • التفكير باستشارة مرشد مالي، أو شخص يستطيع الإسهام في وضع استراتيجية ادخار مستدامة، استناداً إلى المدخول، نمط الحياة والأهداف الادّخارية.
إنّ صحتنا هي أغلى ما نملك، وحفاظاً عليها، لا بدّ وأن ننعم بحياة قوامها التوازن ما بين الوضع المالي والصحة الجسدية والنفسية. وبالرغم من أن تحسين الصحة المالية قد لا يسير دوماً بحسب الخطة، إلا أننا لا نزال نمسك بزمام الأمور، ولا بدّ وأن نتعلّم من خبرتنا ونمضي قدماً.
نودّ كثيراً الاستماع إلى خبرتكم، يرجى مشاركتنا نصائحكم حول وضع المزانيات والادخار في قسم التعليقات أدناه.