يتمتع جسم الإنسان بآلية معقدة تعمل وفق عدد من العمليات والأنظمة المختلفة، ومن أبرزها العصب المُبهم، أو كما يعرف أيضاً باسم العصب الحائر أو العصب الرئوي المعدي. فالجِهازُ العَصَبِيُّ اللَّاوُدِّيّ، الذي يتحكّم بوظائف الجسم الأساسية، بما في ذلك التنفس، والهضم، ونبضات القلب، يعتمد بشكل كبير على هذا العصب. ومن خلال هذا المقال، سنكتشف العصب المُبهم، ودوره في تعزيز الصحة، إضافة إلى طرق مختلفة لتنشيطه لتحسين الصحة النفسية.
ويعدّ العصب المُبهم جزءاً أساسياً من جسم الإنسان، جزء غالباً ما يتمّ تجاهله. إنه العصب الأطول في جسم الإنسان، يمتد من جذع الدماغ، مروراً بالصدر، ووصولاً إلى المعدة. وينظم العصب المُبهم عدداً من وظائف الجسم، بما في ذلك ضبط دقات القلب، والتنفس، وعملية الهضم. كما أنه يؤدي دوراً هاماً على صعيد الصحة النفسة والعافية.
فبحسب أخصائية علم النفس الشمولي، دكتور نيكول لوبيرا، فإن العصب المُبهم هو أساس جهازنا العصبي كاملاً. إنه العصب المسؤول عن الجِهازُ العَصَبِيُّ اللَّاوُدِّيّ، وعن راحتنا وعملية الهضم، وهي مسائل أساسية للصحة النفسية والجسدية. وتشير دكتور لوبيرا أيضاً إلى العصب المُبهم على أنه “العصب السحري” بسبب قدرته على الوصول بشكل كبير إلى مختلف أنحاء الجسم. فهذا العصب مسؤول عن ربط الدماغ بالجهاز العصبي، والرئتين، والقلب، والكبد والطحال.
وحين يعمل العصب المُبهم بشكل صحيح، يمكنه أن يؤثر بشكل عميق على صحتنا النفسية. إلا أنه، وحين يعمل بشكل غير سليم، فقد يكون عاملاً من العوامل التي تتسبب في عدد من مشاكل الصحة النفسية، بما في ذلك القلق، والاكتئاب، وحتى اضطراب الكرب الذي يلي الصدمة.
أما المعالج النفسي العيادي، دكتور غلين دويل، فيقول بأنه غالباً ما يُشار إلى العصب المُبهم بتسمية “محور الأمعاء والدماغ” بسبب الرابط القوي ما بين الدماغ والأمعاء. وغالباً ما يشار إلى هذا الرابط في التحدث عن شعور “بالفراشات” في المعدة لدى الشعور بالقلق أو التوتر. ومن هنا، فإن تحفيز العصب المُبهم يسهم في الحدّ من القلق والاكتئاب عبر تهدئة الجهاز العصبي والترويج للشعور بالاسترخاء.
فما السبيل لتحفيز العصب المُبهم لتعزيز الصحة النفسية؟ إليكم بعض الطرق التي تبيّن بأنها فعالة:
النفس العميق: يمكن تعزيز الاسترخاء عبر التدرّب على تقنيات التنفس العميق كالتنفس الحجابي.
التأمّل: تبيّن بأن التأمل اليقظ يساعد على تعزيز العصب المُبهم، والحدّ من التوتر والقلق. ويمكن للتأمل الدوري أن يعزز الشعور بالسعادة وتعزيز الصحة النفسية.
اليوغا: تعدّ اليوغا طريقة فعالة أخرى لتعزيز العصب المُبهم. فبعض وضعيات اليوغا، مثل وضعية الكوبرا، والسمك، والجمل تعزّز العصب المُبهم، وتحسّن التنفس وتخفف من التوتر.
الوخز بالإبر: لقد ثبت بأن الوخز بالإبر يعزّز العصب المُبهم. فخلال جلسة الوخز بالإبر، يصار إلى إدخال إبر رفيعة في أماكن معينة من الجسم، ما يسهم في السيطرة على دفق الطاقة وتحفيز العصب المُبهم.
التعرض للبرد: لقد ثبُت بأن التعرّض للحرارة الباردة، كأخذ حمام بارد، أو الغطس في ماء مثلج، قد ثبت بأنه يعزز العصب المُبهم ويحسن الصحة النفسية.
الغناء والإنشاد: لقد ثبُت بأن الغناء والإنشاد يحفّزان العصب المُبهم ويعزّز الاسترخاء.
الضحك: يعدّ الضحك طريقة طبيعية لتعزيز العصب المُبهم، ما يحدّ من التوتر ويعزز لمشاعر الصحة والعافية.
وبالإضافة إلى هذه الطرق، يمكن إجراء عدد من التغييرات على نمط الحياة لتحسين وظيفة العصب المُبهم، بما في ذلك:
التمارين الرياضية: لقد ثبت بأن ممارسة التمارين الرياضية بشكل دوري تعزز وظيفة العصب المُبهم وتعزّز الصحة النفسية والجسدية.
النوم: إن الحصول على قسط وافر من النوم ضروري للصحة بشكل عام، ومن شأنه أن يحسّن وظيفة العصب المُبهم.
الحمية الغذائية الصحية: إن اتباع حمية غذائية غنية بالأطعمة الكاملة، بما في ذلك الخضار، والفاكهة والدهون الصحية، من شأنه أن يحسن وظيفة العصب المُبهم.
الحد من التوتر: إن ممارسة تقنيات الحدّ من التوتر، كاليقظة الذهنية، من شأنها أن تحسّن من وظيفة العصب المُبهم وتعزّز الصحة النفسية.
باختصار، صحيح أن العصب المُبهم ليس بمصطلح مألوف بالنسبة إلى الكثيرين، إلا أنه لا يمكن نكران تأثيره على الصحة النفسية والجسدية. وكما سبق أن رأينا، يؤدي هذا العصب دوراً أساسياً في ضبط عدد من الوظائف الجسدية، بدءاً من الهضم وصولاً إلى ضبط نبضات القلب وحتى تعزيز العمليات الإدراكية. كما أن تجاهل صحة العصب المُبهم من شأنه أن يؤدي إلى نتائج سلبية، بما في ذلك زيادة التوتر، والقلق، وسواها من المشاكل النفسية الأخرى. ولكن، وعبر إدراج بعض من تقنيات تحفيز العصب المُبهم في حياتنا اليومية، كتقنيات التنفس العميق، والتأمل، واليوغا، يمكننا أن نعزّز من شعورنا بالاسترخاء، ونخفض مستويات القلق والاكتئاب، ونحسّن صحتنا النفسية والجسدية. وعبر الانتباه إلى العصب المُبهم، يمكننا أن نُحكم السيطرة على صحتنا النفسية والجسدية ونتمتع بحياة أكثر رضى وراحة.