مع نشأة التقنيات الرقمية، شهد عالم الأعمال تغييرات كبيرة. وفي حين أسهمت التحسينات في زيادة نسبة الفعالية والتداخل، إلا أنها أسفرت عن عقبات أرخت بظلالها على عافية الموظفين الرقمية. وقد أدّى هذا التعارض إلى اعتبار التقنيات الرقمية “موطن المتناقضات”. ومع ميل المنظمات المتزايد إلى استخدام أدوات العمل عن بُعد وهيكلياته، بات من المهمّ جداً مناقشة هذه التحديات بغية مواجهتها.
هل تعانون من كثرة الرسائل الإلكترونية التي تردكم، والرسائل الفورية والاجتماعات الافتراضية؟ هل يشعركم ضغط العمل الرقمي في المنزل والعمل بأنه يمكن الوصول إليكم باستمرار وبأنكم متاحون لتلقي هذا الكمّ الهائل من الرسائل. ومن هنا، يفترض بالمنظمات تزويد موظفيها بأطر عمل رقمية مدمجة، بحيث تتوفر كل الأدوات في مكان واحد. وبصفتكم موظفين، يمكنكم المطالبة بتقصير مدة الاجتماعات الافتراضية والإصرار على وجود جدول عمل محدّد والتقيّد به.
أتشعرون بأن الحدود ما بين الحياة العملية والحياة المنزلية تتقلص؟ فتوفر المعلومات المرتبطة بالعمل وأدوات التواصل على الهواتف وأجهزة الكمبيوتر المحمول تؤدي إلى مزج الحياة الشخصية بالحياة المهنية. فيشعر الموظفون بأنهم مجبرون على الردّ، والتضحية بوقت راحتهم. وبغية تخطى هذه المشكلة، يفترض بالمنظمات أن تدعم، وبشكل مستمر، السياسات التي تدعو لوضع حدود تفصل ما بين الحياة العملية والحياة الشخصية وتشجع الموظفين على أخذ استراحات. وبصفتكم موظفين، نحثكم على وضع حدود واضحة والاطلاع على المهام المرتبطة بالعمل، فقط ضمن ساعات العمل. فعلى سبيل المثال، يمكنكم ألا تجيبوا على الرسائل الإلكترونية إن وصلتكم في وقت متأخر أثناء تواجدكم في المنزل.
من جهة أخرى، تسهم الرقمنة في تقديم فوائد كثيرة لمكان العمل، ولاسيما إن كانت بيئة المعلومات مناسبة لحاجات الموظف. فالأدوات الرقمية من شأنها أن تعزّز الفعالية، والتعاون، والابتكار. فالمداخلات الرقمية المصمّمة بشكل جيد، كالتطبيقات التي تسهّل عملية أخذ الاستراحات وتدير الاستخدام الرقمي، من شأنها أن تعزّز عملية الموازنة ما بين الحياة العملية والحياة الشخصية. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للتقدم التكنولوجي، كالتحولات الرقمية مثلا أن تساعد الشركات على تحقيق الاستدامة.
وفي هذا الإطار، من الضروري اعتماد مقاربة متوازنة للتطرق إلى التأثيرات غير المرغوب بها للتطور الرقمي والتنعّم بتأثيراته الإيجابية. إذ يمكن اعتماد التقنيات الرقمية للترويج لبيئة عمل صحية. كما يمكن للمنظمات تأمين بيئة عمل رقمية صحية عبر منح الأولوية لصحة الموظفين وتزويدهم بالدعم والتدريب اللازمين والترويج لثقافة تقدّر التوازن ما بين الحياة العملية والحياة الشخصية السليمة.