ما هو التوتّر؟
يشكّل التوتر جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وقد يكون التوتر محفّزاً يعزّز صحتنا النفسية أو عائقاً يسيئ إليها. وبدورها، تعرّف منظمة الصحة العالمية التوتر على أنه استجابة بشرية طبيعية لمواجهة التحديات أو التهديدات. إلا أن الطريقة التي نعتمدها لمواجهة التوتر هي الأساس.
وتماماً كما يمتلك كلّ امرء طريقة تواصل خاصة، يمتلك كلّ شخص “لغة توتر” خاصة به. ومن هنا، نستعرض من خلال هذا المقال مفهوم لغة التوتر، ونغوص في الطريقة التي يعتمدها الناس لتحديد مسببات التوتر وسبل التعبير عنها. كما أننا نستعرض ردات الفعل الأربعة التي يعتمدها الأشخاص: “القتال، النأي بالنفس، الجمود، التملّق”.
تحديد مسببات التوتر
بداية، من المهم جداً تحديد الأمور التي تسبب التوتر وذلك للتمكن من تحديد لغة التوتر الخاصة بكم. ويمكن لهذه المحفزات أن تتضمن العوامل البيئية (الأماكن المزدحمة)، والضغوطات المرتبطة بالعمل (الإفراط في العمل)، ديناميكيات العلاقة (عدم تحقيق التوقعات الداخلية)، التحديات المالية (الأهداف غير الواضحة)، والأمور المتعلقة بالأبوة والأمومة (اختلاف المقاربات الأسرية أو تحمل مسؤوليات الأبوة أو الأمومة بشكل منفرد). فعبر تحديد مسببات التوتر، يمكنكم تطوير مقاربة ملائمة للتحكّم بالتوتر.
التعبير عن التوتر
يعبّر الناس عن التوتر بشكل شفهي، جسدي أو سلوكي، ويشكّل هذا التعبير جزءًا لا يتجزّأ من لغة التوتر الخاصة بهم. ويعبّر بعض الأشخاص عن مشاعرهم شفهياً ويسعون للحصول على الدعم من خلال الحوار. وقد يختبر آخرون عوارض جسدية كآلام الرأس أو التوتر العضلي. فالتغييرات في السلوك كسرعة الغضب أو الانسحاب من شأنها أن تشير إلى مستويات توتر مرتفعة. ومن هنا، فإن تحديد طريقة التعبير هذه أساسية لاعتماد ردود فعل بديلة للتوتر.
الردود الأساسية الأربعة القتال، النأي بالنفس، الجمود، التملّق
إن ردتي الفعل المتمحورتين حول القتال أو النأي بالنفس متجذرتان في طبيعة البشر عند التعرض لمواقف مسببة للتوتر. فردتا الفعل هاتان تسببان سرعة في خفقان القلب، وفيما يستلزم “القتال” مواجهة التوتر بشكل مباشر، فإن “النأي بالنفس” يؤدي إلى الهرب أو ترك مسافة بين الشخص والعامل المسبّب للتوتر.
يمكن لردتي الفعل هاتين أن تحفّزانكم على القيام بأعمال إيجابية أو أن تقوداكم إلى التحكم بالتوتر بأساليب غير صحية، كالتعرض لنوبات غضب أو الميل إلى الاتقاء . فعلى سبيل المثال، وخلال العمل على مهمة وفق جدول زمني ضيّق، يميل الموظف الذي يعتمد القتال كرد فعل على التوتر إلى مشاركة أفكاره بفعالية، والاحتجاج على وجهات النظر المقدمة، والعمل لإيجاد الحلول. أمّا بالنسبة إلى الموظف الذي يعتمد النأي بالنفس سبيلاً للتعبير عن التوتر، فيميل الموظف الذي عاني من ضغوطات في العمل إلى تفادي الاجتماعات المرتبطة بالعمل أثناء العمل على مشروع صعب وينأى بنفسه عن المهمة المفروضة.
ومن جهة أخرى، ينجم عن ردة الفعل التي تعرف “بالجمود” تسمّراً على الصعيد الجسدي، وانخفاض في نسبة خفقان القلب عوضاً عن سرعة فيها وتشنج في العضلات. فردة الفعل هذه تخفض من حقيقة الأوضاع المزعجة جداً، ما يترك الضحية أشبه بالمخدرة أو غير المعنية. فعلى سبيل المثال، ووسط التغييرات المفاجئة التي تحصل في العمل، يصبح الموظف عاجزاً عن التصرف، ويتوقف عن المشاركة فيما يجري، ويشعر وكأنه غير معني بما يحصل.
أما حالة الحذر المتنامي، والاستجابة التي تسمى بالتملّق، فتستلزم تهدئة روع الآخرين لتفادي النزاعات. فعلى سبيل المثال، وضمن العمل، يظهر أحدهم ردة فعل “التملّق” إن كان يوافق زملائه الرأي دوماً، حتى ولو كانت آرائهم مختلفة، وذلك للحفاظ على بيئة عمل متجانسة. فهذا الميل إلى منح الأولوية للآخرين والحرص على تأمين راحتهم على حساب حاجاته تسبّب له التوتر.
اعتماد ردود فعل بديلة لمواجهة التوتر
إن إدراك لغة التوتر الخاصة بكم هي الخطوة الأولى نحو اعتماد استراتيجيات تأقلم صحية. فعبر اعتماد هذه المقاربات، يمكنكم تطوير لغة توتر تساعدكم على أن تآلفوا ما بين التوتر في مكان العمل والمرونة والعافية.
– ابقوا متيقظين لمختلف إشارات التوتر وعززوا وعيكم للاستجابة بفعالية لمختلف التحديات الحياتية. – إن التواصل بشكل منفتح مع الزملاء يخلق جواً من التفهم، بحيث يفصح الأشخاص عمّا يزعجهم ويحظون بالمساعدة. – إدارة الوقت بفعالية يساعد الموظفين على التطرق إلى مختلف المشاكل في العمل مع الحفاظ على حياة صحية ومتوازنة.