قلب كقوس القزح

بقلم نانسي أبو جودة

أسبق لأحدهم أن امتدحكم قائلاً أنّ قلبكم أبيض؟ أو أسبق لأحدهم أن اتّهمكم قائلاً أنّ قلبكم أسود؟ في كلتي الحالتين، سواء أكان ذلك بشكل إيجابي أو سلبي، بشكل عادل أو ظالم، فقد تمّ تصنيفكم.

منذ بدء الأزمان، منح العالم نفسه الحقّ بتحديدكم، استناداً إلى أعمالكم وردّات فعلكم؛ أو استناداً إلى جنسكم، جذوركم أو لونكم؛ أو حتى اسمكم أو لقبكم. بعبارة أخرى، يمكن لأي ناحية من نواحي ذاتكم الخارجية أن تكون هدفاً سهلاً لسوء التفسير.

فلنفكّر بالموضوع سوياً. كم من مرة التقيتم شخصاً أبدى استعداداً لتخصيص وقت كافٍ للتعرّف إليكم، من دون التسرّع والقيام بافتراضات مبنيّة على خلفيتكم فحسب؟

لسوء الحظ، العدد ليس بكثير، ما لم يكن صفر.

وفي بعض الأحيان تشعرون وكأنكم تسيرون، حاملين هذه السمة على رؤوسكم، وكأنها مطبوعة على جبينكم.

فالحكم المسبق على الناس وتحديدهم، سواء استناداً إلى ما سمعتموه وما رأيتموه، أو استناداً إلى عدد من الحوادث القديمة التي حصلت، سواء أكانت تحت سيطرتكم أو لا، أمر مؤلم للغاية، ومؤذ، وموحش على الصعيد النفسي والعاطفي، وقد يؤثر على مسار حياتهم كاملاً.

ينسى غالبيتنا بأن للبشؤ موهبة التطوّر عبر مسيرة حياتهم. فسلوكنا يتأثر بشكل مباشر بأفكارنا ومشاعرنا. وتثبت هذه الحقيقة الراسخة بأنه يمكن لأي شخص أن يتطوّر ويحسّن نوعية حياته. صحيح أننا قد نفسد الأمور، ونرتكب الأخطاء، ونواجه الفشل. إلا أنه من الواضح أيضاً أننا وفي خلال سعينا لتنظيف الفوضى، ننمو بالحكمة، وبالتالي ننتصر.

من حقّنا أن نكون غير كاملين، من حقّنا أن نكون بشر.

الحقّ يقال، إن خبراتنا في الحياة والتحديات اليومية التي نواجهها هي ما يعلّمنا. فهذه الخبرات تسمح لنا بأن نساهم في هذا العالم بشكل أكثر صدقاً وأن نخدم مجتمعنا بشكل أكثر فعالية.

من جهة أخرى، تجدر الإشارة إلى أنه قد يكون للتصنيف الإيجابي نتائج سلبية. فعبر تصنيف الناس على أنهم “غير مستحقين” نقضي على احترامهم لذاتهم، وحين نصنّفهم على أنهم “أبطال خارقين” نحرمهم من فرصة الضعف، والوهن والحاجة إلى الدعم.

من حقّنا جميعاً أن نعيش انتصارات وانتكاسات. من حقّنا جميعاً أن نكون غير كاملين. من حقّنا جميعاً أن نطلب المساعدة، الدعم والرعاية. ما من أحد “قلبه أبيض” أو “قلبه أسود” دائماً.

فلكي يتشكّل قوس القزح ويصبح مرئياً، لا بدّ من توفّر عنصرين: أشعة الشمس وقطرات المطر. والمفهوم عينه ينطبق علينا، نحن البشر. فنحن نظهر أفضل حلّتنا حين نتعلّم كيف نزرع الجمال ضمن البؤس، ونجد النور في الظلمة. وفي النهاية، يمكننا أن ننعم جميعنا “بقلب قوس قزح”، والمفتاح لذلك هو أن نستمر بتنقية أنفسنا عوضاً عن تعريف أنفسنا.

لذا، علينا أن نتذكر دوماً بأننا:

  • على خلاف “الصورة الخارجية” التي نظهرها للعالم، فالذات الداخلية هي المهمة، فهي موضع القيم، والموثوقية، والهوية الحقيقية.
  • توقفوا عن تصنيف أنفسكم بما يتناسب وهذا العالم.
  • خصّصوا الوقت للتعلّم، والفهم، واعتناق الذات. ومن ثمّ احرصوا على مشاركة فرادتكم مع العالم الخارجي. كلّ واحد منّا يتمتّع بقوة فريدة من نوعها.

الفرق الوحيد فيما بيننا هو أن بعضنا تتاح أمامه الفرصة لإثبات ذلك، فيما لا يزال آخرون يسعون لاكتشاف ذلك أو يعملون على ذلك…

نحن محظوظون بكوننا غير كاملين بشكل كامل!

ربما يعجبك أيضا