كيف تكتسب الأفكار الصحية لتنعم بالعافية: تمتّع بجسم وعقل سليمين

بقلم د. كاثي شلهوب

الحياة الصحية هي أحد أهمّ الأهداف التي يسعى إليها الناس في هذه الأيام. في الواقع، إنها تتحول بسرعة إلى صناعة تبلغ قيمتها مليارات دولار. لماذا؟ لأن العديد من الناس اليوم وأكثر من أي وقت مضى يعانون من الضغط النفسي والأمراض التي لا يمكن للطب التقليدي علاجها. يكمن الحلّ الأكيد في أن يصبح منهج الحياة الصحية جزءاً من حياتنا، عوض السعي إلى التخلّص من الضغط النفسي بواسطة العقاقير الطبية.

لقد اكتشف علماء النفس أن ما يؤدي إلى الشعور بالسعادة على المدى الطويل وإلى التمتع بالصحة الشاملة هو مزيج من العوامل الداخلية والخارجية، إنه مجموع ما نشعر به وما نفعله في هذا العالم، مزيج من هويتنا الحقيقية وكيف نعيش تلك الهوية على أرض الواقع. يبدو ذلك للوهلة الأولى صعب الإدراك فكيف ستعرف من أين تبدأ العمل بهذه المهمّة؟

السبيل الأسهل إلى ذلك هو أن تبدأ من الداخل إلى الخارج، من الناحية المادية إلى الناحية الروحية، من الأمور الملموسة إلى تلك الغيبيّة، بمعنى آخر، ابدأ بما هو أسهل عليك. من أنت، ماذا تفعل، كيف تفعل ذلك، أين تفعل ذلك!

واحدة من أسهل الطرق لتغيير ما تشعر به هو أن تكون أكثر انتقائية في ما يتعلّق بما تغذّي به جسمك! يخبرنا العلماء أن خلايا جسمك يتمّ استبدالها بالكامل كلّ سبع سنوات. بماذا؟ بالطعام الذي نأكله طبعاً. لذلك فلتكن خياراتك الغذائية جيدة!

جسم الإنسان مزوّد بـ ٦٥٠ عضلة وحوالي ٣٤٠ مفصلاً. من الواضح إذاً أننا مصمّمون للحركة، وتحريك أجسامنا ضروري لصحتنا الجسدية والنفسية. هل سمعت بمقولة العقل السليم في الجسم السليم؟ ليس من قبيل الصدفة أن تطوّر كل حضارة قديمة طقوساً للحركة اليومية تسهم في تحسين صحة أفرادها النفسية والجسدية.

بعد الاهتمام بالجسم ننتقل إلى العنصر الملموس التالي وهو العقل. يقول المفكّرون الحديثون إنّ التعلّم المستمر هو على الأرجح أهم مهارة يحتاج إليها البشر خلال القرن الحادي والعشرين. وليس أي تعلم بل ذلك الذي يشغّل المناطق المسؤولة عن التحليل والإبداع في الدماغ. ولا عجب في أن ممارسات مثل العزف على البيانو أو بناء الأشياء يدوياً أثبتت أنها تقي من الأمراض العقلية مثل مرض الزهايمر!

يُمجّد الذكاء العاطفي على أنه أهم أنواع الذكاء، وحتى أهم من الذكاء العقلي. في الواقع، كشفت الدراسات أن الأشخاص الذين يتمتعون بدرجة عالية من الذكاء العاطفي ومعدل ذكاء متوسط يميلون إلى أن يكونوا أكثر نجاحًا من الأشخاص ذوي معدّل الذكاء العالي ولكن معدل ذكائهم العاطفي متوسط. فكّر بذلك قليلاً، ثم اعمل على فهم عواطفك والتعبير عنها من خلال نشاط صحيّ.

في الواقع، خلُص اللورد ريتشارد لايارد، الذي ترأس مجموعة بحث في دراسة حول أسباب السعادة إلى أن “معالجة الاكتئاب والقلق ستكون أربع مرات أكثر فعالية من معالجة الفقر”. يجعلك ذلك تتساءل لماذا يستمر معظم العالم المتقدم في تجميع “الأشياء” ويتجاهل العقل والقلب.

صدق أو لا تصدق، الناس الذين يتقاعدون في وقت مبكر يموتون في وقت أبكر من الناس الذين يتابعون عملهم، شرط طبعاً أن يكونوا مستمتعين بعملهم. ومن هنا، يظهر سببان للسعادة: المعنى والإتقان. هذا يعني أن النجاح في شيء ما والشعور بأن ما نفعله في الواقع يحدث فرقاً في العالم (بغض النظر عن أهميته) يجعلنا أكثر سعادة ويجعلنا نعيش حياة أطول وبصحة أفضل من مجرد القيام بعمل الهدف منه تجديد حسابنا المصرفي.

وبالحديث عن الحسابات المصرفية، ما من ضرر في التحدّث عن أي شيئ يخدم الشعور بالسعادة، فلا بدّ أن نحرص على أن يكون لدينا مستوى معين من الاستقرار المالي للحفاظ على راحة البال في الحياة. يكمن السرّ هنا في عدم التركيز على تجميع الثروة من أجل الثروة، بل تعلّم كيفية إدارة ما لدينا والهدف الذي نريد أن نوظّف هذا المال لأجله. من الضروري أن تمتلك هدفاً واضحاً يعني لك شيئًا يتخطّى المال!

من جهة أخرى، يعدّ التواصل، عنصراً آخر من عناصر السعادة الحقيقية. نعم، صدق أو لا تصدق، حتى مع كل المال والإنجازات التي يمكن أن تحققها، إذا لم يكن لديك شبكة اجتماعية جيدة حولك وأنت لا تشعر بالارتباط بهؤلاء الناس، فستبقى غير سعيد. هذه الحقيقة مقلقة لكنها واقعية، إذ هنالك أهمية كبرى للناس الذين نمضي الوقت معهم ولنوعية تلك التفاعلات.

بدورها، تعدّ البيئة من أحد أهم العوامل التي تؤثر في صحتنا من دون علمنا حتى. ثمة أشياء لاواعية تحرّكنا وتوجّه سلوكنا من دون أن ندرك ذلك. ماذا يعني ذلك؟ هذا يعني أننا بحاجة إلى أن نختار بوعي وحرية البيئة التي نريد أن نعيش فيها، وننشط في خلق بيئة صحيّة وأكثر احتراماً للطبيعة، فالطبيعة هي أقل العلاجات كلفة.

أخيرًا، حين تمتلك صلة روحية بشيء يتخطّاك ويتجاوز الكوكب الذي تعيش عليه فذلك يمنحك إحساسًا أكبر بمعنى الحياة والغاية منها، وملاذاً تلجأ إليها عندما تشعر باليأس. لقد أثبت العلماء أن الأشخاص الذين يؤمنون بقوة عليا يعيشون فترة أطول ويشفون من الأمراض بشكل أسرع.

حاول أن تجد طريقة لتدمج هذه العناصر جميها في حياتك، إذ سيساعدك ذلك على تحقيق الصحة الجسدية والنفسية المنشودة.

كيف تفعل ذلك؟

تابعنا!

ربما يعجبك أيضا