خلال سنوات المراهقة، وتماماً كما كانت عليه الحال مع أترابي، أظهرتُ اهتماماً في الفنون القتالية التقليدية الصينية، الأشبه بالكونغ فو، هذا الفنّ القتالي الذي يتميّز بالخفة والقفز بسرعة البرق. وحين بلغتُ الخامسة عشرة من العمر، بدأت أتدرب على هذه الفنون التقليدية، وبعدها بسنوات تعرّفت إلى الكي كونغ. في البداية، شعرت بأن الكي كونغ، رياضة بطيئة جداً و”مزيفة” بعض الشيء، إلا أنني مع الوقت غيّرت فكري بشكل كامل.
تنظر التعاليم الصينية والشرقية التقليدية إلى الجسم والفكر والقلب على أنها وحدة متكاملة، جزء من نظام الطاقة المتكامل. وعبر تحريك هذه الطاقة، نستطيع تحقيق تحسّن على الصعيد الجسدي، والعاطفي، والفكري والروحاني.
الكي كونغ ممارسة صينية قديمة تشكل جزءاً من الفنون القتالية الصينية التقليدية، من شأنها مساعدة كل شخص على التحسّن عبر مجموعة من تقنيات التنفس المضبوطة، والحركات الخفيفة، والتأمّل، والتصوّر، والممارسات السليمة والنوايا الواعية.
فإجادة “التشي” يهدف إلى إستعادة طاقة الحياة والقدرة على الإبداع. ويعتبر الكي كونغ ممارسة داخلية، لا تستلزم أي عناصر قتال، وقادرة على تحسين الصحة الجسدية والنفسية، وممارسة الفنون القتالية.
منذ ثماني سنوات، قررت السفر إلى الصين سعياً لنيل تدريب أكثر جدية وتفانياً على الفنون القتالية الصينية في أكاديمية شاولين. وكان كلّ من الكي كونغ والتاي تشي، جزئين أساسييّن من برنامج التدريب. وفيما كنت أشك في فعاليتهما في بداية الأمر، إلا أنني سرعان ما غيّرت رأيي، حين، في صباح يوم بارد، بدأت يداي تدفئان خلال جلسة تأمل خاصى بالكي كونغ، وذلك في المكان حيث قال لي المدرّب بأن الطاقة يجب أن تتدفّق.
وازدادت قناعتي بذلك حين بدأت ألاحظ بأن جسمي لا يتعرّض للرضوض ولا أشعر بأي ألم في الأيام التي تلي جلسات تقوية الجسم التي كنّا نخضع لها، والتي كنّا خلالها نضرب أجسادنا بالحبال أو الحجارة لتقويتها. والفضل في ذلك يعود إلى جلسة الكي كونغ التي كانت تستمر لساعتين التي كانت تسبق التمارين دوماً، على خلاف ما كان يحدث مع زملائي الذين يتخلّفون عن تدريب الكي كونغ.
وبحسب خبراتنا الشخصية، أدركت أنا وزملائي بأن الكي كونغ تريح الفكر وتقوي الجسم.
فوائد الكي كونغ
بعد عودتي من الصين، قررت أن أغيّر الطريقة التي أمارس فيها الفنون القتالية، وبحثت عن أستاذ في الفنون القتالية الصينية القديمة، يكون متخصصاً أيضاً في الفنون الداخلية. ومنذ ذلك الحين، بات كلّ من الكي كونغ والتاي تشي جزءاً أساسياً من تدريبي. ونتيجة لذلك، تحسّنت صحتي ومهاراتي في الفنون القتالية بسرعة كبيرة.
خلافاً للتاي تشي، لم تخضع الكي كونغ لدراسة معمّقة لتحديد فوائدها الصحية، ومازال هناك نقص على صعيد الأبحاث الجيدة. إلا أن الدراسات التي أجريت هذه الساعة تؤكد على ارتباط الكي كونغ بمجموعة من الفوائد، بما في ذلك:
- الحدّ من القلق والاكتئاب والمساعدة على التحكّم بها
- تعزيز التركيز
- دعم الوظائف الإدراكية
- خفض ضغط الدم
- تعزيز صحة القلب
- تحسين وظيفة الرئتين
- دعم القدرة على التحكم بالسكري من النوع الثاني
- تحسّن نوعية النوم
- زيادة التوازن، المرونة والقوة
- تحسين نوعية حياة الأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية مزمنة
:تقتضي ممارسة الكي كون
- التأمّل وقوفاً أو جلوساً مع التركيز على تهدئة الفكر، والتحكّم بعملية التنفّس ودفق الطاقة.
- سلسلة من التمارين، من أكثرها انتشاراً التمرين الذي يطلق عليه تسمية “با دوان جين”، أو قطع الزخرفة الثمانية، والتي صمم إجمالاً كشكل من أشكال الكي كونغ الطبي، الذي يستعمل للشفاء.
بشكل عام، تبدأ جلسة الكي كونغ بتمارين معينة لتحمية المفاصل وتعميق التنفّس، يتبعها سلسلة من التمارين التي تنتمي إلى نوع معيّن مثل تمارين “با دوان جين”، على سبيل المثال، وتنتهي بتأمّل.
استناداً إلى خبرتي الشخصية، أنا مقتنع تماماً بأنّ الكي كونغ، قادر على مساعدة الجميع، بدءاً من المراهقين لتوجيه طاقتهم وتركيزهم، وصولاً إلى العُجّز للتحكّم بأجسادهم وتحسين صحّتهم. ومن هنا، فأنا أنصح دوماً تلاميذي الذين يمارسون الفنون القتالية، بتجربة الكي كونغ، إذ يساعدهم على التحكّم بتنفسهم، ويعزز بشكل كبير قدرتهم على ممارسة الفنون القتالية.
وختاماً، أشجعكم على تجربة الكي كونغ لتتعلموا كيف تستطيعون الاستفادة من أسراره الشافية القديمة لتعزيز الصحة ونشر السعادة في الحياة.