ينبعث الانطلاق في مسيرة تعزيز اللياقة البدنية من رغبة في إعادة صقل تركيبة الجسم. ومن الأهداف المشتركة تخفيف نسبة الدهون في الجسم. إلا أنّ العلاقة القائمة ما بين التمارين الرياضية وخسارة الدهون علاقة معقدة، تتضمن عدداً من العوامل، كحدّة التمرين، ومدّته، وبنية الشخص أو فيسيولوجيته. ومن هنا، يتطرق هذا المقال إلى تمارين الايروبيك وتأثيرها على حرق الدهون.
تمرين ايروبيك منخفض الحدّة: المشي السريع، وقيادة الدراجة الهوائية، والسباحة الخفيفة واليوغا
إن اكتشاف التفاعلات القائمة ما بين حدّة التمرين وحرق الدهون غاية في الأهمية. فالحدّ الأقصى لاستهلاك الأوكسيجين هو قياس المستوى الاقصى للأوكسيجين (بالملليليتر) الذي يمكن للجسم تنشّقه في دقيقة واحدة. وكلّما ارتفع هذا المستوى، كلما كان مؤشراً على الصحة الجيدة وعلى ممارسة تمارين الايروبيك بشكل دوري. وفي مثل هذه الحالة، فإن تمرين الايروبيك منخفض الحدّة (مستوى الاوكسيجين هو ٥٠٪) يمكن أن يرتبط بنسبة معينة من الدهون تستخدم لتوليد الطاقة اللازمة لممارسة الرياضة. إلا أنه، وعلى سبيل المثال، فإنّ ٩٠٪ من الطاقة تنتج عند ممارسة التمارين المحدودة الحدّة عبر أكسدة الدهون. وتؤثر هذه العملية بشكل جيد على الأشخاص الذين يهدفون إلى فقدان الوزن بطريقة سريعة وفعّالة. فقد أشارت الدراسات إلى أن الأشخاص غير الخبراء في التمارين الرياضية يحرقون نحو ضعف كمية الدهون أثناء ممارسة الرياضة ويسجلون حدًّا أقصى لاستهلاك الأوكسيجين بنسبة ٥٠٪ عوضاً عن ٧٠٪. لذا، فإن التمارين الرياضية المنخفضة الحدّة قد تكون أكثر ملائمة لخسارة الدهون جراء التناسق ما بين خسارة الدهون وإنتاج الطاقة.
تمرين ايروبيك مرتفع الحدّة: تمارين الوزن، تدريب قوة، ورقص سريع
وبشكل معاكس، فإن تمارين الايروبيك المرتفعة الحدّة، ولاسيما التمارين اللاهوائية، تعتمد أكثر على مخزون السكريات أو الكربوهيدرات كمصدر للطاقة خلال الحصة التدريبية. ونتيجة لذلك، فقد تؤدي إلى حرق نسبة أعلى من السعرات الحرارية، إلا أن السعرات الحرارية الدهنية منخفضة جداً مقارنة بسواها. ومن هنا، فقد يؤدي التمرين القاسي إلى استنزاف السكريات، ما يؤدي إلى الشعور بالرغبة بتناول مزيد من الطعام، ولاسيما الأطعمة المشبعة بالدهون، ما يؤثر سلباً على النقص في الطاقة الناجم عن التمارين الرياضية. إلا أنه، حين تزداد لياقة الأشخاص البدنية، فهم يحرقون الدهون بشكل أكثر فعالية وبمستويات أعلى. وبالتالي، فإنّ اختيار التمرين الأكثر ملائمة ومستوى حدته الأنسب لحرق الدهون يعتمد بشكل كبير على فيسيولوجيا المرء أكثر من التصنيف النمطي للتمارين على أنها مرتفعة الحدّة أو منخفضة.
حدّة التمرين وتغييرات في معدّل الأيض
يؤدي معدّل الأيض عند الراحة، الذي يمثل قدرة الجسم على حرق الطاقة عند الراحة، دوراً أساسياً في الحفاظ على توازن الطاقة بشكل عام. فالتمارين الرياضية المرتفعة والمنخفضة الحدّة تساهم في زيادة معدّل الأيض عند الراحة، إلا أنه، وعلى ما يبدو، فإنّ مدّة التمرين أكثر أهمية من حدّته. فالتمارين الرياضية تؤثر على استهلاك الأوكسيجين عقب انتهاء التمرين وعلى معدلات الأيض، وتؤدي التمارين الرياضية المنخفضة الحدّة إلى زيادة حرق الأيض الخاص بالدهون خلال الفترة التي تلي التمارين الرياضية. من جهة أخرى، قد تؤدي التمارين الرياضية المرتفعة الحدّة إلى زيادة الاعتماد على السكريات لإعادة التزوّد بالطاقة، ما يؤثر على الاستجابة الأيضية عقب انتهاء التمارين الرياضية. مدّة التمارين الرياضية واستهلاك الدهون
إن كنتم تسعون للتخلص من بعض الوزن الزائد، عليكم التفكير في مدّة التمرين الرياضي. فقد أشارت الدراسات إلى أنه، كلما مددتم فترة تمارين الايروبيك المنخفضة الحدّة، التي تنجز بشكل مثالي مع معدل نبضات قلب يتراوح ما بين ٥٠٪-٦٥٪، فإنكم بذلك تحففون من دهون الجسم بشكل فعّال. وفيما تتمرنون لفترات أطول، يبدأ جسمكم بتكسير المزيد من الأحماض الدهنية طلباً للحصول على الطاقة، ما يؤدي إلى حرق أكبر للدهون. إلا أنه عليكم أن تحذروا الإفراط في التمرين، لأن ممارسة الرياضة لفترة تتخطى ٦٠ إلى ٧٠ دقيقة، قد يؤدي إلى الإجهاد، والإفراط في التدريب، وإضعاف جهاز المناعة. لذا، فإن إيجاد التوازن الصحيح المثالي لمستوى لياقتكم البدنية واستجابتكم الأيضية مثالي تحقيقاً لأفضل النتائج.
خلاصة
إن الرابط ما بين التمارين الرياضية وخسارة الدهون مسألة معقدة. وفيما أظهرت تمارين الايروبيك المنخفضة الحدة، والطويلة المدّة نتائج إيجابية على صعيد خسارة الدهون، لا بدّ من مراعاة العوامل الشخصية لكل فرد. فالحرص على إيجاد التوازن ما بين حدّة التمارين الرياضية، ومدتها ونمط الحياة المعتمدة عوامل ثلاث أساسية لتحقيق نتائج فعّالة على صعيد خسارة الدهون.
لمزيد من الإرشادات الخاصة، يرجى استشارة أخصائيي الرعاية الصحية أو اللياقة البدنية.