مشاعر الذنب التي نميل لاختبارها

بقلم عزيز كفوري

هل سبق أن ذهبتم إلى احتفال، سهرة، حانة، مطعم أو حتى إلى منزل صديق أو إلى منزلكم الخاص وشعرتم بالكثير من المرح واستمتعتم بوقتكم كثيراً، لكن سرعان ما انتهى كل شيء، تملككم شعور سلبي جداً وشعرتم بالإحباط، وأردتم العودة إلى المنزل وإلى غرفتكم الخاصة؟ هل سبق أن أجريتم محادثة مع أحدهم، وفجأة شعرتم بخيبة الأمل واليأس؟ هل سبق أن أردتم تناول طعام معين بشهية كبيرة، وبعد أن أنهيتم القضمة الأخيرة شعرتم بالسوء؟

         يمكن وضع كل هذه المواقف تحت عنوان الشعور بالذنب. لمَ نشعر بالذنب في بعض المواقف من حياتنا بشكل فجائي؟ هل تساهم هويتنا في التحكم بمشاعرنا، وتقوم بتحويل هذه المشاعر؟ قد يكون الشعور بالذنب عبارة عن عواطف ذات قيمة إيجابية. في بعض الأحيان، قد يساعدنا ذلك في الحفاظ على الرابط الذي خلقناه مع الآخرين في مجتمعنا ويتسبب بعواقب مؤلمة لأفعال من شأنها إضعاف أو تقوية المجموعات التي ننتمي إليها. يمكن أن تتأثر حرية تقرير المصير لديك ضمن هذا المجتمع بمشاعر الذنب.

بالنسبة للبعض، إن الشعور بالذنب من ارتكاب أمور سيئة يمنعنا من تكرارها ويساعدنا في تغيير مواقفنا وتصرفاتنا، أما بالنسبة للآخرين، قد يميلون إلى كبح الشعور بالذنب أو السماح له بالتحكم بهم.

الذنب هو شعور على علاقة وثيقة جداً بالندم أو الأسف العميق. ينشأ الشعور بالذنب من مشاعر تلي إدراكنا بأننا قمنا ببعض التسهيلات أو الخطوات البعيدة عن المعايير العادية أو ربما تتعارض مع المعايير الأخلاقية المتوقعة في كل مجتمع. عادةً ما تكون بعض المعايير التي تجعل الناس يشعرون بالذنب من ضمن المعايير الإجتماعية أو من الوالدين وكذلك أيضاً من النظام الديني. الشعور بالذنب، كأي نوع من المشاعر الإجتماعية الأخرى، ينشأ مع تأثيراته. قد تتضمن تأثيراته مشاعر القلق أو الإصابة بالإكتئاب. أحياناً نصاب بالإرتباك من اتخاذ القرارات.

يتخذ الشعور بالذنب أشكالاً عدة كالشعور بالذنب الذي يحصل بين الوالدين والأطفال، الشعور بالذنب من المعتقدات الدينية أو الإجتماعية، العلاقات، أو من مشاعر الحب.

  قد تكون الآثار النفسية للشعور بالذنب مفيدة عندما تصبح ملهمة لإجراء تغييرات جذرية في حياتنا، ولكنها في أحيان أخرى قد تتسبب بالضيق.

حين يعجز الإنسان عن إصلاح خطأ قام بارتكابه، قد يستمر شعوره بالذنب إلى أن يحظى بفرصة لتغيير ما سبق أن فعله. الذنب الناتج عن خطأ لا يمكن إصلاحه، كشعور الإنسان بأنه تسبب بشكل غير مباشر بموت أحدهم، قد يكون له تأثير سلبي طويل الأمد على حياته إلا إن قام ذلك الشخص بطلب المساعدة أي العلاج الذي غالباً ما يساعده في التعبير عن هذه المشاعر وإعادة صياغة المشاعر المتعلقة بالموقف الذي حدث إن كان ذلك في ذهنه فقط أم لا. هناك تأثير آخر للشعور بالذنب وهو عقدة الذنب المعروفة بالشعور الدائم بالذنب من أذى يعتقد الشخص أنه تسبب به على الرغم من عدم ارتكابه ربما لأي سوء، إلا أنه يعيش في خوف من أنه قد يفعل أو يظن أنه سيستمر في ارتكاب الأخطاء وبأنه “لا يمكنه أن يفعل أي شيء بشكل صحيح”. يمكن الربط ما بين عقدة الذنب وكل من الخجل والقلق.

أما بالنسبة للمظاهر الجسدية للشعور بالذنب، فإن كل من يشعر بذنب لم تتم معالجته، قد يشعر بالعصبية أو بأنه دائماً على حافة الهاوية. قد يكون مفرطا ًفي التشبث أو التبرير. غالباً ما يتجلى الشعور بالذنب بعوارض جسدية. والتي قد تتضمن:

  • الأرق أو صعوبة النوم
  • إضطراب في المعدة، غثيان، أو مشاكل هضمية أخرى
  • ألم في المعدة
  • شد عضلي
  • ألم في الرأس
  • البكاء
في العادة، يساعد التعامل مع الشعور بالذنب في حل هذه المشاكل  

الشعور بالذنب هو عامل إجتماعي مهم، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمواقف الإجتماعية. إن آراءنا حول الشعور بالذنب (ما بين الصواب والخطأ) نابعة من العوامل والمواقف الإجتماعية – التعليم، العائلة، العمل، إلخ. في النهاية يكمن الدور الأهم في التعاون ما بين المربين، الأهل، الأصدقاء، والعائلة للتأكد من أن المحيطين بهم (لا سيما الأطفال) يملكون حساً من تقدير الذات وتقرير المصير. من خلال إظهار التعاطف والإهتمام للناس، نؤكد أن ارتكاب خطأ ما لا ينعكس بالضرورة على الشخص ككل – من خلال التمييز بين الفعل والفاعل.

يمكن لأي كان أن يساعد في تجنب الشعور الذنب بدلالاته السلبية، مع الإستمرار في تشجيع الشعور السليم بالصواب، الخطأ، والذنب عند الضرورة، وحين نشعر أنه من الضروري طلب المساعدة المتخصصة، لا يجب أن نتردد في مساعدة أنفسنا أو الآخرين من حولنا.

ربما يعجبك أيضا