فيما أدوّن أفكاري حول آداب التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة، لا يسعني إلا أن أشعر ببعض الانزعاج لأنني أتحدث نيابة عن أشخاص آخرين يختبرون هذه التحديات الجسدية والنفسية بشكل يومي. وبالرغم من أنني أستند إلى المعلومات التي زوّدني بها أشخاص من أصحاب الهِمَم مصحوبة بتجربتي العملية في مركز لرعاية مجموعة من الأشخاص ذوي أنواع مختلفة من الإعاقات، أعتذر مسبقاً إن بدر مني سهواً أي كلام بدا وكأنه تعجرفاً. إلا أنه، وبصفتي شخصاً متمكّناً ظاهرياً، فقد شعرت بالعجز في أكثر من حالة، جرّاء العراقيل التي واجهتها ونقصان التجهيزات، إلا أنه لا يسعني سوى أن أقول بأننا جميعنا قد اختبرنا نوعاً من الإعاقة في مرحلة من مراحل حياتنا بحسب الظروف التي فُرِضت علينا. وعلى ضوء هذه الروح، أشارككم أفكاري حول هذا الموضوع.
إن أفضل تعريف لمصطلح الإعاقة الذي يتجانس مع كلّ المدوّنات التي كتبها أشخاص ذوو إعاقات وقرأتها في مدوّناتهم يُلخّص بما يلي: “أي ظرف يصعّب على الشخص أن ينجز بعض النشاطات أو يتفاعل بشكل فاعل مع العالم المحيط به”. إنه تعريف بسيط ومباشر، وموجّه وتفسيري. إذاً، فالإعاقة الجسدية قد تصعّب على المرء، أي امرىء، أن يتفاعل مع العالم المادي من حوله، والإعاقة الحسية قد تؤثر على الطريقة التي يجمع فيها المرء المعلومات من حوله. هذا هو بكل اختصار تعريف كلمة إعاقة. وهي لا تعني بأي شكل من الأشكال افتقار الأشخاص ذوي الإعاقات للشخصيات الفريدة، والمواهب، والمعرفة، والحياة. مع الإشارة إلى أن الأشخاص الذين يعانون من إعاقات يملكون الكثير من الأمور المشتركة مع أولئك الذين لا يعانون من أي إعاقة، وذلك بغضّ النظر عن معنى هذا المصطلح الأخير. فجميعنا نتشارك الوجود نفسه، ونمتلك الحاجات الأساسية عينها. ومن هنا، أجد مسائل المساواة، والإعاقات الخفية، والشعور بالإحراج مواضيع مترابطة وأساسية!
ما هو القاسم المشترك ما بين العقبات اللغوية، انقطاع الانترنت، غياب المنحدرات، البلاط المكسور، سيارات الأجرة غير المعدّلة، الأبواب الضيقة، الحمامات غير المعدّلة، منضدات الاستقبال المرتفعة، وغياب المصاعد؟ الجواب: انعدام المساواة! بصراحة، إن المساواة مرتبطة بالعدل أوالانصاف. وبشكل خاص، فإن المساواة في الإعاقة تقتضي الاعتراف بأن بعض الأشخاص أقل حظا من سواهم جرّاء قدرتهم على الوصول إلى الخدمات والمرافق.
واستناداً إلى التعريف المذكور أعلاه، ولتحقيق المساواة على صعيد الإعاقة، لا بدّ من تأمين الوسائل المقبولة أو الخدمات المعقولة للأشخاص ذوي الإعاقات. ونعني بذلك إجراء كل التغييرات والتعديلات الضرورية والملائمة على البيئة وعلى طريقة إنجاز الأمور بحيث يتمّ إلغاء أي حِمْل غير عادل أو غير مبرّر والسماح للأشخاص ذوي الإعاقة بأن يتمتعوا بحق الوصول العادل إلى المنافع المتاحة لسواهم من الأشخاص في مكان العمل وفي مختلف الأماكن الأخرى.
وبالإضافة إلى ما سبق، لا بدّ وأن ندرك بأن الإعاقات ليست جميعها مرئية. فمتلازمة التعب المزمن، وداء الصرع، واضطراب التوتر الذي يلي الصدمات ما هي إلا بضع أمثلة على مثل هذه الإعاقات. ومن حقّ هؤلاء الأشخاص أن يعلموا الناس من حولهم بالتغييرات الضرورية والتعديلات الواجب القيام بها في البيئة المحيطة بهم، وذلك للحدّ من أي آثار سلبية قد تنجم عن النقص في “المساواة” ومنحهم الوصول المتساوي إلى المنافع المتاحة لسواهم من الأفراد، سواء أكان ذلك في محيط العمل وفي مختلف الأماكن الأخرى.
أما الموضوع الثالث الذي أودّ التطرّق إليه فهو الشعور بالحرج مقابل التحيز أو التعرض. إذ يبدو بأن الكثير من الأشخاص يجهلون كيفية التصرّف عند التفاعل مع أشخاص يعانون من آلام واضحة. وبالرغم من أنهم يودون تقديم المساعدة والتصرف بتهذيب، إلا أنهم يخشون بأن يهينوا وعن غير قصد هؤلاء الأشخاص، وبالتالي فقد يتصرفون كما لو أنهم يتحاملون على الآخرين بشكل غير مقصود. إلا أنه، لا بدّ من الإشارة إلى أن الأشخاص الذين يتصرفون بغرابة في حضور شخص يعاني من إعاقة هم في غالبية الأحيان غير متحيّزين.
وهكذا، فإن كان الهدف تفادي الاحراج، أو تحقيق المساواة، لا بدّ وأن يصغي الناس إلى أصوات الأشخاص الذين يعانون من إعاقات ويدركوا بأن المجتمع هو الذي لا بدّ وأن يتغيّر، لا الأشخاص ذوي الإعاقات!
لذا، يستحسن البدء بالتركيز على قدرات الناس لا على إعاقاتهم وحين نشعر بالتردّد حول سبل تقديم المساعدة أو طريقة الكلمات، فما علينا سوى أن نأخذ المبادرة ونستعلم.