على مر العقود الفائتة، حصدت الدهون الغذائية سمعة سيئة. وباتت الحميات الغذائية التي لا تحتوي على الدهون هي الرائجة، وبتنا مهووسين بكمية الدهون الغذائية التي نتناولها ونسعى لخفض نسب الكوليستيرول “السيء” للوقاية من أمراض القلب وخفض مستوى الدهون في الجسم.
إلا أنه، وبحسب مجلة Harvard Health Publishing، فإن الرسالة التي مفادها بأن “كل أنواع الدهون سيئة” خاطئة. بالرغم من أن بعض أنواع الدهون والمواد التي تسبب الكوليستيرول تلعب دوراً في أمراض السرطان، والسكري، والقلب والسمنة، إلا أن الدهون ضرورية تماماً كالنشويات، والبروتيين لتزويد الجسم بالطاقة.
في الواقع، تسهم بعض أنواع الدهون في جعل الجسم يمتص بعض المغذيات، ولاسيما الفيتامينات التي تذوب في الدهن (الفيتامين ألف، دال، إي وكاف) وعدد من المعادن أيضاً.
وتدعم الدهون الغذائية نمو الخلايا وتساعد في إنتاج الهرمونات الأساسية. وتشكل الأساس لبناء جدران الخلايا، وهي ضرورية أيضاً لأداء عدد من الوظائف الجسمانية الأخرى.
عبر الاطلاع على الفرق ما بين الدهون الصحية وغير الصحية، وسبل دمج المزيد من أنواع الدهون الصحية في النظام الغذائي، يصبح بإمكاننا أن نحدّد أي أنواع من الدهون يجب تفاديها، وأي أنواع نستطيع تناولها باعتدال، ضماناً للحفاظ على صحتنا على المدى الطويل.
تشتمل الدهون السيئة على الدهون الصناعية المصنوعة من الدهون المتحولة، فيما تحتوي الدهون الجيدة على الدهون الأحادية غير المشبعة والدهون غير المشبعة. وتحتل الدهون المشبعة مكاناً في الوسط، ولا بدّ من تناولها باعتدال.
ما هي الدهون السيئة؟
الدهون المتحولة
تعدّ الدهون المتحولة الأكثر ضرراً للصحة. وتكون معظم أنواع الأطعمة التي تحتوي على هذه الأنواع من الدهون جامدة عند وضعها على حرارة الغرفة. ومن بين هذه الاطعمة، نذكر:
- الزبدة
- المنتجات المخبوزة بطريقة صناعية كالكوكيز، والمقرمشات والدوناتس
- مختلف أنواع الكريمات
- الوجبات السريعة
- المرغرين
- سمن المطبخ
تزيد الدهون المتحولة من خطر الإصابة بأمراض القلب، والجلطات والسكري من النوع الثاني. وحتى أنها قادرة على التأثير في مزاجنا: فبحسب دراسة صادة عن جامعة كاليفورنيا، في سان دييغو، تبيّن بأن الرجال ما دون الـ٤٥ عاماً الذين يتناولون أطعمة غنية بالدهون المتحولة قد أظهروا انخفاضاً في الذاكرة، مزاجاً سيئاً وسلوكيات أكثر عدائية.
الدهون المشبعة
إن معظم الدهون المشبعة هي دهون مستخرجة من الحيوانات، ونجدها في الألبان والأجبان الكاملة الدسم واللحوم. ومن الأمثلة على ذلك، نذكر:
- لحم الدجاج الداكن اللون وجلد الدجاج
- البيض
- لحم البقر، الخنزير والعجل الدسم
- منتجات الألبان والأجبان الغنية بالدسم مثل الزبدة، الجبنة، البوظة، الكريمة الحمضية، والحليب الكامل الدسم
- دهن الخنزير
- الزيوت الاستوائية مثل زبدة الكاكاو، زيت جوز الهند وزيت النخيل
لا تعدّ الدهون المشبعة “شيطاناً” كما كان الاعتقاد السائد. فالأطعمة التي كان ينصح بتفاديها في السابق كالبيض، والحليب الكامل الدسم والزبدة بات ينصح بتناولها باعتدال. وتلعب الدهون المشبعة دوراً أساسياً في تعزيز صحة نظام المناعة. وهي تشكل على الأقل ٥٠٪ من جدران الخلايا، وتمنحها الصلابة الضرورية والدفع لتعمل بشكل سليم. إلا أن تناول كميات كبيرة من الدهون المشبعة من شأنه زيادة مستويات الكوليستيرول و البروتين الشَحْمِيٌّ خَفيضُ الكَثافَة في الدم.
ما هي الدهون الصحية؟
الدهون الصحية هي تلك التي تكون سائلة عند وضعها على حرارة الغرفة، وهي الدهون التي غالباً ما نجدها في الأسماك، البندق، البذور والخضار.
الدهون الأحادية غير المشبعة
نجد الدهون الأحادية غير المشبعة بكميات كبيرة في:
- الأفوكادو
- زبدة المكسرات (الخالية من الدهون المتحولة) مثل زبدة اللوز وزبدة الفستق
- المكسرات مثل اللوز، والكاجو والفستق الحلبي
- زيت الزيتون
- الزيتون (الأخضر والأسود)
الدهون غير المشبعة
نجد الدهون غير المشبعة بكميات كبيرة في:
- الزيوت مثل زيت الذرة، القرطم، بذور الكتان، وبذور الصويا
- اليقطين، السمسم وبذور دوار الشمس
- الجوز
أحماض الأوميغا ٣ والأوميغا ٦ الدهنية
إن أحماض الأوميغا ٣ والأوميغا ٦ هي مجموعة من الدهون غير المشبعة. وتعدّ هذه الأحماض عناصر هامة لجدران الخلايا وهي طلائع لعدد من المواد الأخرى في جسمنا، بما في ذلك المواد المرتبطة بردات الفعل على الالتهابات وفي تنظيم ضغط الدم.
يستطيع جسمنا إصدار كل أنواع الأحماض الدهنية باستثناء حَمْضُ اللِّينولييك، وهو حمض أوميغا ٦ دهني، وحَمْضُ اللينولينيك ألفا، وهو حمض أوميغا ٣ دهني. وبما أنه لا يمكن الحصول على نوعي الأحماض هذه إلا من خلال الطعام، لأن أجسادنا عاجزة عن صناعتها، يطلق عليها تسمية الأحماض الدهنية الأساسية.
ومن أبرز مصادر أحماض الأوميغا ٣ الدهنية:
- الكرنب
- بذور الشيا
- التونة، السلمون، السردين، الرنجة والاسقمري
- الجوز
ومن أبرز مصادر أحماض الأوميغا ٦ الدهنية:
- بذر الكتان وزيت بذر الكتان
- حبوب القنب وزيت حبوب القنب
- الزيوت النباتية الصناعية المعالجة، بما في ذلك زيت الكانولا، زيت الذرة، زيت القرطم، زيت بذور الصويا، وزيت دوار الشمس.
- بذور اليقطين
- بذور القرطم
- بذور حبوب الصويا
- بذور حبوب دوار الشمس
وقد أشارت الدراسات الحديثة بأن تناول كمية كبيرة من الأوميغا٦ تؤدي إلى خلق عدم اتزان من شأنه أن يؤدي إلى زيادة القابلية على تكوين تخثرات في الدم والتهابات، وارتفاع ضغط الدم، وتهيّج الجهاز الهضمي، وتراجع في أداء نظام المناعة، وانتشار الخلايا وزيادة الوزن.
بغية الحصول على معدل ملائم من الأوميغا ٣ والأوميغا ٦، لا بد من تناول ضعف كمية الأوميغا ٣ مقارنة بكمية الأوميغا ٦.
وختاماً، نشير إلى أن الدهون عنصر مغذّ ضروري لنا. فهي تؤمن الطاقة لأجسامنا وتساعدها على أن تمتص أنواعاً معينة من الفيتامينات من الأطعمة. إلا أن الدهون غير متساوية من حيث الفوائد، لذا فحسن اختيار الدهون الغذائية مهم للغاية لصحتنا.
لذا، اختاروا بعناية أنواع الدهون التي تتناولونها!