نعيش في عالم ذو وتيرة سريعة حيث تستدعي المصادر المتزامنة من المحفزات استجابات سريعة مثلًا: أجب على هاتفك، أو أرسل رسالة نصيّة إلى شريكك أو بريدًا إلكترونيًا إلى مديرك، أو اعبر الشارع، أو اقرأ الإشارات، أو انتبه إلى خطواتك… فهي ليست سوى نسبة صغيرة من الإشارات التي نحتاج إلى التعامل معها على مدار الساعة. فنجد أنّ الأطفال نشيطين بشكلٍ مفرط لأنّ التكنولوجيا تلعب دورًا أساسيًا في حياتهم. ونتيجة لذلك، يُظهر الكثير منهم سلوكيات غالبًا ما تؤدي إلى تشخيص “اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط”، أو إلى وصف منشطات نفسية بشكل أكثر لضبط هذه السمات. ففي الواقع، تمّ تشخيص ٢٫٨ ٪ من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن ١٧ عامًا في جميع أنحاء العالم على أنهم مصابون باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط في عام ٢٠١٧.
وقد يعتقد بعض الأهل أنّ الأطفال المضطربين أو مشتتين الانتباه أو النشيطين بشكل مفرط يعانون من اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، في حين أنّهم ببساطة يمكن أن يكونوا متعبين أو مضغوطين أو مشغولين أو حتّى أنهم يشعرون بالملل. ولهذا السبب، فإن فهم مظاهر وتأثير اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط من خلال الاستناد إلى المساعدة والمشورة المهنية، أمر بالغ الأهمية للتأكّد من أن التشخيص صحيح.
ويُعتبر اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط حالة عصبية بيولوجية تُترجم في صعوبات سلوكية هائلة مثل التشتت والاندفاع وفرط النشاط. كما وتُترجم في صعوبات في التخطيط والتنظيم والتذكّر وإكمال المهام. ومن أجل الحصول على تشخيص رسمي، يجب أن يكون لهذه السمات تأثير مستمر وكبير على الجوانب الرئيسية لحياة الفرد.
ومع ذلك، يملك الأهل ومقدمي الرعاية القدرة على توجيه الأطفال من أجل التحكّم في اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط لديهم. ولتحقيق ذلك، سيستفيد الأهل بشكل كبير من تبني استراتيجيات تساعد عقل طفلهم على البقاء نشيطًا بشكلٍ كاف بغية التمتّع بالمهارات التي يحتاجها للنمو.
صدّقوني، نصائح صغيرة تُحدث تغييرات عظيمة:
- خصّص لطفلك وقتًا لقضاء الوقت في الطبيعة ولممارسة الأنشطة البدنية لأنّها تقلل أعراض اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط.
- شجّعه على التعلم العملي مثل تمثيل الأدوار، واستعمال المواد اليدوية، والأشياء ثلاثية الأبعاد، والكتب.
- استخدم التذكيرات المرئية، واللوازم الملونة، والأدوات السمعية مثل الأغاني لتقوية الذاكرة.
- دعه يتحرك باستمرار أو يلعب بأشياء مثل المعجون، أو كرات الكوش، أو أقلام الرصاص، أو لعبة السبينر، لأنّ الحركة المستمرة تزيد الإثارة النفسية بنفس طريقة المنشطات النفسية.
- وجّه طاقته نحو الفنون (الموسيقى، أو الرقص…)، أو الرياضة (فنون الدفاع عن النفس، أو الرياضات الجماعية من أجل الكفاءة الاجتماعية)، أو أنشطة أخرى (الطبخ، أو البناء…).
- إستخدم مجالات اهتمام معينة في اتجاهات أخرى مختلفة مثل استعمال وصفة طبخ لتعليم الرياضيات.
- أبدي له دائمًا إهتمامًا كبيرًا، وتأكّد من حصوله على فرصة ليظهر ما تعلّم بانتظام.
- انتبه لحالته الجسدية: قلّل من الكربوهيدرات لأنّها تزيد مستويات السيروتونين مما يجعل الفرد يشعر بالنعاس وعدم الانتباه، وادمج فترات راحته المتكررة مع المكافآت التحفيزية، وحثّه على النوم الأكثر تجديدًا للنشاط.
- وفّر البيئات المناسبة من خلال ترتيب وتنظيم المساحات الطبيعية.
- استفيد من الأوقات التي تكون فيها طاقة طفلك عالية وعلّمه مواضيع أكثر تحديًا.
- اخرج كل يوم بتجربة جديدة مثل تبديل الجدول، أو التلعيب…
- اجمع طفلك بمرشد أو طفل أكبر سنًّا يملك سمات مشتركة ويمكن أن يكون قدوة إيجابية له.
- وفي المقابل، اطلب من طفلك أن يعلّم طفل أصغر سنًّا تعزيز حبّه لذاته وتعميق تعلّمه.
عندما تصبح مدربًا لطفلك، فإنّك تمهّد الطريق نحو تجربة تعليمية إيجابية من شأنها أن تحفزه على الانخراط في المزيد من التجارب وجمع نتائج ناجحة!
اختر كلماتك بعناية لكي تتجنّب أن يشعر طفلك بأنّه مصنّف ومختلف، وأعطي التعليمات بطريقة تشد انتباهه، وقدّم ملاحظات تسلط الضوء على نقاط قوتّه وتقدّمه.
ثق بإمكانيات طفلك: سيحسن التصرّف اذا علّمته كيف !