استراتيجية الإرشاد، والمراقبة والتواصل (GSC) لتفادي إدمان أولادكم على الشاشات الإلكترونية

بقلم هيفا دادا

إذا سألتكم ما هو أكبر تحدٍ نواجهه كأهل في حياتنا اليوم، ما ستكون إجابتكم؟ بالطبع تعلق أولادكم من أطفال ومراهقين باستخدام الشاشات!

لا يمكننا أن ننكر فوائد العيش في عالم يؤمن لنا سرعة التواصل وسرعة الحصول على المعلومات. إلا أنّ الأبحاث تظهر أنّ الفرط في استخدام التكنولوجيا يلحق ضرراً كبيراً بأولادنا ومراهقينا إذ إن أدمغتهم لا تزال تنمو وتتطور. وعلى الرغم من أنّ إدمان الانترنت ليس بالاضطراب النفسي المعترف به رسمياً إلا أنّ استخدامه المفرط يخلّف أذى خطيراً يطال أولادنا.

بصفتي مدرّبة للوالدين، ابتكرت اختصاراً يجمع مختلف النصائح ضمن استراتيجية واحدة هي استراتيجية الإرشاد، والمراقبة والتواصل المتعارف عليها باللغة الإنكليزية باختصار GSC. تسهم هذه الاستراتيجية في مساعدة الأهل على التحكم بالوقت الذي يمضيه أولادهم أمام الشاشة الإلكترونية والحؤول دون إدمانهم عليها.

إليكم شرح لمعنى عبارة GSC:

إرشاد (Guidance- G):

ابدأوا من أنفسكم وطبّقوا ما تعظون به، وحفّفوا من الوقت الذي تمضونه على وسائل التواصل الاجتماعي. ففي النهاية، لا يمكنكم أن تطلبوا من أولادكم ترك أجهزتهم فيما تدققون أنتم في صفحة الفايسبوك خاصتكم.

بما أنّ معظم أشكال الإدمان تبدأ بعادةٍ دائمةٍ، علّموا أولادك أن يستبدلوا هذه العادة المدمرة بغايات ونشاطات تحمل قيم راقية. لا تنسَوا أن تشجعوهم على المواظبة على ممارسة هوايتهم.

ضعوا قواعد وقوانين وعلّموهم كيفية إدارة وقتهم بغية تحقيق غاياتهم، علماً أن الإلهاء يعدّ واحداً من أهم العوائق التي تحول دون تحقيقنا أحلامنا!

إشراف (Supervision – S):

راقبوا سجل أولادكم على شبكة الإنترنت ودقّقوا في ما يبحثون عنه ومع من يتفاعلون كي تفهموا أكثر سبب انشغالهم بهاتفهم الخلوي أو بجهاز الأيباد. أنصحكم بالإقدام على هذه الخطوة بموافقتهم أو بالجلوس معهم والاستعلام حول ما كانوا يفعلونه على أجهزتهم.

ابتكروا عقداً خاصاً توقعونه مع أولادكم (تتفقون فيه على الوقت الذي يمضونه يومياً أمام الشاشة الإلكترونية، وينص على ضرورة الامتناع عن استعمال الهاتف وغيرها من الأجهزة أثناء الدرس، وأثناء تناول الوجبات وقبل النوم إلخ…) واحرصوا على أن تحترم العائلة بأسرها شروط العقد.

راقبوا أولادكم فيما يستخدمون الهواتف الخلوية والأجهزة الأخرى. وتنبّهوا إلى أيّ تغيير في سلوكهم مثل التقلّبات في المزاج أو القلق أو التعب الدائم أو الانزواء أو تعكر المزاج، فهذه كلها تشكل علامات خطر.

تواصل (Communication- C):

أجروا مع أولادكم حديثاً حول استخدام التكنولوجيا بشكل سليم وصحي وحول تأثيرها المضر والخطير على الإنسان من النواحي الجسدية، والعاطفية والسلوكية.

تحدّثوا مع أولادكم عن مشاعرهم وأظهروا لهم دعمكم وخصّصوا لهم الوقت. فإن أردتم أن توجّهوا أولادكم حول سلوكهم عبر الانترنت، عليكم أن تتعاطوا معهم وجهاً لوجه. فالدراسات تكشف أنّ الولد المتعلّق بجهازه تعلقاً شديداً هو طفل تربطه بأهله علاقة ضعيفة.

لذا ناقشوا مع أولادكم أهمية الموازنة ما بين الوقت المخصص للإنترنت والوقت المخصص له شخصياً. شجعوا أولادكم على التواصل والتفاعل مباشرة مع أفراد العائلة والأصدقاء من خلال النشاطات الجسدية كالأيام المخصصة لتفادي استخدام الشاشات الإلكترونية.

لعل قول فريديرك دوغلاس الشهير: “من الاسهل صناعة أطفال أقوياء على إصلاح رجال محطمين” أفضل ما ينطبق في هذا الإطار. فالوعي يبقى الأساس والتواصل المفتاح السحري. ففي النهاية، يحتاج الأولاد إلى اهتمامنا لأنهم يزهرون في حضن عائلات تربطها علاقات عميقة وتقوم على التواصل المباشر وجهاً لوجه. أدرك كل الادراك مدى صعوبة الحفاظ في يومنا هذا، على النمط المتسق نفسه فيما نعيش نمط حياة سريع ومنشغل. إلا أنّ وضع الحدود لاستخدام الشاشات الإلكترونية من قبل أفراد العائلة يجب أن يحتل الأولوية بالنسبة لنا ولعائلاتنا للحؤول دون الانغماس في استخدام التكنولوجيا والإدمان عليها ضماناً لحياة عائلية سليمة وسعيدة.

ربما يعجبك أيضا