السماح سبيلكم إلى السعادة

بقلم ليندا شكور

يطمح بعض الناس للعيش بسعادة، فيما يختار البعض الآخر السعادة. فالهدف الأسمى للحياة هو السعادة، والاستمتاع بالحياة والوصول إلى مكان لا تطمح بعده بالذهاب إلى أي مكان آخر. فإن نظرنا إلى رغباتنا الأهم، نكتشف بأنّ كلّ أحلامنا متشابهة. فنحن جميعنا نتشارك هدفاً أساسياً واحداً، هو “السعادة”؛ نحن نتمنى السعادة لأنفسنا، ولمن نحبّ. فمنذ فترة ليست ببعيدة، كان السعي وراء السعادة هدفاً شخصياً، أما اليوم، فقد بات السعي للعيش بسعادة فكرة شائعة ومسألة ذات طابع وطني في بعض البلدان. فأنا أؤمن فعلاً بأن السعادة هي الطريقة الوحيدة للمضي قدماً وإحداث تغييرات إيجابية في الحياة على الصعيدين الشخصي أو المهني.

ماذا نعني باختيار السعادة؟ وما السبيل الحقيقي للقيام بذلك؟

لقد أكدت الدراسات العلمية المعمّقة في مجال علم النفس الإيجابي والعلوم العصبية والتي أجريت في العقود الماضية إلى أنّ السعادة مهارة يمكن الوصول إليها وتعزيزها عبر دمج مهارات إيجابية وممارسات من شأنها أن تضفي مزيداً من البهجة على حياتنا وحياة من حولنا. جميعنا نملك الفرصة لنعيش بسعادة أكبر عبر تسخير طريقة تفكيرنا، مقارباتنا للحياة، العادات التي نطوّرها والخطوات التي نختار القيام بها.

بشكل دائم، نحن نتخذ قرارات واعية وقرارات مختلفة في حياتنا، فلِم لا نتخذ قراراً مدركاً بأن نكون سعداء في كلّ يوم من أيام السنة؟ فمستوى سعادتنا يرتفع حين نتوقف عن مطاردة السعادة ونبدأ باختيارها. ومن هنا، فكلّ صباح، عندما تستيقظون، اعقدوا العزم على أن تكونوا سعداء، وأن تستفيدوا قدر الإمكان من يومكم وتستمتعوا بكلّ وقت، بغضّ النظر عمّا يحصل، وذلك لأن الخيارات فعّالة جداً.

فالأشخاص السعداء يختارون بأن يكونوا سعداء بغضّ النظر عن ظروفهم الخارجية وهم يملكون شعائر خاصة لذلك. أي نوع من الشعائر تودّون إدخالها إلى حياتكم في العام ٢٠١٩ لجعل حياتكم أكثر سعادة؟ قوموا بخيار واحد وأدخلوه إلى حياتكم واجعلوه عادة إيجابية قبل الانتقال إلى شعائر أخرى.

السماح، أحد الشعائر المفيدة لزيادة مستوى السعادة.

للسماح قدرات وقوة لا تحصى ولا تعدّ. سواء أكنتم بحاجة لمسامحة الآخرين أو لمسامحة أنفسكم، فإن عملية السماح تحرّركم من الماضي وتمكّنكم من تحقيق قدرتكم الكاملة. فالسماح يصفّي الشعور بالمرارة ويمنع تألّمكم.

نعم، يمنع تألّمكم! لأنكم إن شئتم أن تكونوا سعدراء وأن تضفوا النور على حياتكم، فعليكم أن تتخلّوا عن حواجز الماضي، وتتخلصوا من أي غضب أو احتقار شعرتم به تجاه أنفسكم أو تجاه الآخرين أو تجاه أي إنسان آخر، كما عليكم أن تسامحوا وتتصالحوا.

اطرحوا على أنفسكم السؤال التالي: “ماذا لو كان كلّ ما حصل في حياتي قد حصل لسبب معيّن؟ ماذا لو كان كلّ تحدٍ واجهته وألم شعرت به سيخدمني على المدى البعيد؟ وماذا لو كانت الحياة تعمل لصالحي وليس ضدي؟” إن الإجابة على هذه الأسئلة ستساعدكم على إيجاد معنى أفضل لعقبات الماضي، والفشل، معنى من شأنه دعمكم خلال نموّكم وتطوّركم لتصبحوا إنساناً أفضل، فلِم لا تجرّبوا ذلك؟

كيف يستطيع المرء أن يسامح ولاسيما حين يكون الألم في أوجّه؟

اتّبعوا هذه الخطوات التالية للبدء بعملية الشفاء:

  • • فكّروا بالشخص الذي تودّون مسامحته أو بالحدث الذي تودّون تخطّيه.
  • • اعترفوا بمشاعركم، وأفكاركم، وموقفكم تجاه هذا الشخص أو الحدث. كونوا صادقين مع أنفسكم. وأعربوا عن رغبتكم بالشفاء، والمسامحة، والتخلص من الشعور بالغضب، والاحتقار، والخيبة، إلخ.
  • • ذكّروا أنفسكم بفوائد التسامح وبقواه الروحية بشكل عام وفكّروا بتأثيره الإيجابي عليكم أو على الآخرين إن قررتم تخطّي الخلاف.
  • • تذكروا حدثاً اختبرتم خلاله السماح، ما كان شعوركم آنذاك، ولماذا؟
  • • ضعوا أنفسكم في حالة امتنان، في حالة شكران على هدية الحياة التي تملكونها، وعندها ستصبح عملية التسامح أسهل. تجدر الإشارة إلى أنه لا يمكنكم أن تختبروا حالتين في الوقت عينه، فإن كنتم تشعرون بالامتنان، فلن تستطيعوا أن تشعروا بالخوف أو الألم في الوقت عينه.
  • • تعاطفوا بكل أمانة وصدق مع الذين أساءوا إليكم. عمّقوا فهمكم وادركوا بأن الأشخاص يميلون أحياناً إلى إيذاء الآخرين لأنهم يشعرون بحالة عدم استقرار، أو لأنهم يحسّون بأنهم ليسوا في موضع تقدير، أو يخافون، أو يتعطّشون للحبّ أو يعيشون في حالة قلق وعدم استقرار.
  • • فكّروا بشخص واتخذوه مثالاً أعلى لكم، فكّروا بأهمّ الشخصيات التي اختبرت التسامح كنيلسون مانديلا، الأم تيريزا أو الدالاي لاما، طالعوا سيرة حياتهم، واستوحوا منها.
  • • تذكروا موقفاً سامحكم فيه أحدهم على خطأ ارتكبتموه.

يعتبر معظم الناس بأن عمل التسامح هو من أصعب الأمور وأكثرها استحالة. إلا أنني أدعوكم اليوم لأن تغيّروا وجهة نظركم ومشاعركم، وبالتالي سيتغيّر موقفكم حيال هذا الأمر. فالتسامح يمدّكم بالقوة، ويجعلكم تنتصرون على أخطاء الماضي والمضي قدماً.

“”الذاكرة التي شُفيت ليست ذاكرة مُحيت، بل على العكس، فحين نُسامح على ما لا نستطيع نسيانه، نحن نبتكر طريقة جديدة لنتذكر” – لويس سميدس

السماح هو مفتاح السعادة. تخلّوا عما تضمرونه وستدهشون مما سترونه بعيني النعمة.

وفي هذا الصدد، قال رالف مارستون “السعادة خيار لا نتيجة. فما من شيء كفيل بجعلكم تشعرون بالسعادة إلى أن تختاروا أن تشعروا بالسعادة. وما من شخص سيشعركم بالسعادة ما لم تقرّروا أن تكونوا سعداء. السعادة لن تأتي إليكم، بل تنبعث منكم فقط”، وهو محقّ تماماً في كلامه.

استمروا باختيار السعادة والسعادة ستكون حليفكم!

تحيّة للسعادة التي تغمركم!

ربما يعجبك أيضا