هل خطر ببالكم يوماً أن للقلب دماغ؟ دماغ يحفظ المعلومات ويعالجها؟
وهل تعلمون بأن القلب يرسل إلى الدماغ معلومات أكثر بكثير ممّا يرسل الدماغ من معلومات إلى القلب؟
نحن لا نتحدث عن أقاويل أو معلومات خرافية بل عن معلومات علمية موثقة هي وليدة سنوات وسنوات من العمل والأبحاث في مجال علم الأعصاب. بدأت هذه الأبحاث منذ العام ١٩٠٠، إلا أنها تبلورت أكثر في خمسينيات وستينيات القرن الفائت، لتصل إلى نتائج ملموسة في السبعينيات مع البدء بعمليات زراعة القلب، ولاسيما حين اكتشف العلماء بأن القلب ليس مجرد مضخة بل هو مخزن للذكريات، ومن بعض الأمثلة على ذلك، تجلي قدرة بعض الأشخاص الذين خضعوا لعمليات زرع للقلب على عزف البيانو أو التحدث بلغة أجنبية بعد الخضوع للعملية فيما لم يكونوا يجيدون هذه المهارات قبل العملية.
توصّل علم الأعصاب إلى وجود تجانس وتناغم ما بين الدماغ والقلب، وأدركوا بأن القلب يشعر بالخوف أو القلق، أو الاطمئنان والراحة قبل الدماغ بنحو ثلاث ثوانٍ، ما يجسّد نظرية الحدس وارتباطها بالقلب، فالحدس هو سمة من القلب. وأثبتت الدراسات بأن القلب يتواصل مع الدماغ بأربع طرق:
– تواصل عصبي (الجهاز العصبي)
– تواصل كيميائي حيوي (الهرمونات)
– تواصل فيزيولوجي (موجة نبضية)
– تواصل طاقوي (الحقول الكهرومغناطيسية)
وتبيّن أيضاً بأن قدرة الإنسان على المثابرة مرتبطة بالمشاعر. كما أن للدماغ قدرة على التغيير وهو مرتبط بما يحسّه القلب.
ويتأثر القلب بالمشاعر التي يكون لها واحد من تأثيرين؛ مشاعر مجدّدة مثل التعاطف، والامتنان، والتقدير، واللطف، والحماسة والفرح، ومشاعر مستنزفة مثل الخوف، الكبت، الغضب، الاكتئاب والغيرة.
فحين يعيش القلب مشاعر مجدّدة، يرتاح الدماغ ويصبح قادراً على التأقلم، والتركيز، واتخاذ القرارات بوضوح، وتزداد القدرةعلى تحسين الذات، ومواجهة الواقع والتعافي من الصدمات، وتزداد قدرة الإنسان على الحفظ والمثابرة.
أما حين تنتابه مشاعر مستنزفة، فيصبح نبض القلب غير متناسق، وتختل الهرمونات، ويحدث ١٤٠٠ تغيير كيميائي حيوي في جسم الإنسان، فتنشلّ قدرة الدماغ على التحليل وعلى التمييز ما بين الصح والخطأ، ويخسر قدراته، ويميل إلى تصديق كل ما يقال له.
وحين يحقّق المرء التناغم ما بين الدماغ والقلب، يصل إلى قمة الإبداع الفني ويعزّز شعوره بالسعادة، وقدرته على التركيز والتناغم مع الآخرين.
ومن هنا، يجب أن يسعى الإنسان إلى إحداث تناغم ما بين الدماغ والقلب، لما لذلك من حسنات وفوائد جمّة، ومن أبرزها:
- تعزيز القدرة على الحفاظ على الثبات أثناء التحديات.
- تحسين التناغم ما بين العائلة والمجتمع.
- الحدّ من الوهن والإرهاق.
- الترويج لقدرة الجسم الطبيعية على التجدّد.
- تحسين التنسيق والوقت الذي يستغرقه المرء للقيام بردات فعل.
- تحسين القدرة على التفكير بوضوج وإيجاد حلول أفضل.
- تحسين القدرة على التعلّم وتحقيق نتائج أعلى في الاختبارات.
- تعزيز القدرة على بلوغ الذكاء الحدسي أو الفطري.
تجدر الإشارة إلى أن عملية التناغم أو ما يعرف باللغة الإنكليزية باسم Coherence ما بين القلب والدماغ معدية، أي يمكن أن تنتقل من شخص إلى آخر. فقد أثبتت الدراسات بأنه وفيما نمارس التناغم وننشر الرأفة، والامتنان، واللطف، يصدر قلبنا حقلاً كهرومغناطيسياً يمتد إلى محيطنا، ويسهّل التناغم الاجتماعي، سواء أكان ذلك في المنزل، مكان العمل، الصف أو مع الأشخاص الذين يجلسون بجوارنا. وكلما زاد عدد الأشخاص الذين ينشرون التناغم، يُبنى حقل طاقوي إيجابي يسهّل عملية تواصل الأشخاص عبر قلوبهم.
ينجم عن حالة التناغم هذه حالة من الجهوزية، فيصبح المرء حاضراً للتأقلم، وتخطي العدائية، والشفاء من أي صدمة يتعرض لها بسهولة أكبر، لأن التمرس على اعتماد المشاعر المجددة يغيّر خط دفاعنا الأول ويجعلنا أكثر استعداداً لمواجهة كل ما يحصل لنا.
ومن حسنات حالة الجهوزية التي نعيشها، امتلاكنا القدرة على:
- – ملاحظة الأمور التي تستنزف طاقتنا والتيقّن منها.
- – تحويل الطاقة للحؤول دون هدرها.
- – رصف الدماغ والقلب ضماناً لعملهما بأفضل طريقة ممكنة.
- – إيقاظ الحدس للتمكن من القيام بخيارات واضحة ومبادرات مبتكرة.
- – العيش استناداً إلى قاعدة إدراك جديدة وتعزيز الطاقة.
ينصح بممارسة تمارين التناغم، ضماناً للحصول على أفضل النتائج. فتقنيات التناغم، تساعد على:
- – الحدّ من التوتر بشكل فوري.
- – الشعور بالإيجابية، التركيز، والهدوء والطاقة.
- – الأداء بأعلى مستويات
- – التمتع بالقدرة على الإبداع، الحدس، وقدرات اتخاذ القرارات العليا
ومن هنا، ننصحكم بالغوض في عالم “هارت مات Heart Math” والسعي لإحلال التناغم ما بين العقل والقلب للحصول على أفضل النتائج، لا على الصعيد الفردي فحسب، بل على صعيد العائلة، فالمجتمع أيضاً.