لقد اختبرنا جميعنا في مرحلة من مراحل حياتنا رغبات ملحة في تناول طعام ما؟ ولكن، أسبق لكم أن تساءلتم لِم تتوقون لتناول طعام دسم، مالح، حامض أو حلو؟ حين تختبرون ذلك، ما الذي يجري في جسمكم؟ وكيف تستطيعون التحكّم بهذه الرغبات القوية؟
بحسب الخبراء، قد تدوم هذه الرغبات الملحة بتناول نوع معيّن من الطعام ما بين ٣ إلى ٥ دقائق فقط. وعبر الاستسلام لهذه الرغبات، تعيقون الجهود التي تبذلونها للحفاظ على عادات صحية سليمة أو خسارة الوزن. ولحسن الحظ، هناك طرق بسيطة للتحكم بهذه الرغبات الملحّة والبقاء على السكّة السليمة باستمرار وتناول الأطعمة السليمة.
ما هي الرغبات الملحّة بتناول الطعام؟
تنبعث الرغبات الملحة بتناول الطعام من أماكن معينة في الدماغ مسؤولة عن الذاكرة، واللذة والشعور بالمكافأة. ويؤدي حدوث اضطراب في الهرمونات كهرمون اللبتين (الذي يحفّز الشهية) والسيروتينين (الهرمون الذي يساهم في الشعور بالفرح والسعادة) إلى إحداث رغبة ملحّة بتناول الطعام.
أما هرمون الإندورفين، وهو الهرمون الذي يمنحنا شعوراً بالارتياح والسعادة، فقق يكون أحد الأسباب الأخرى للرغبات الملحّة بتناول الطعام. فهي تحاكي الإدمان: فحين تتناولون طعاماً ما وتشعرون باللذة، تتوقون لتناول هذا الطعام نفسه في حالة القلق، والتوتر أو الألم. وقد تدفعكم مشاعركم لاختباررغبة ملحة بتناول الطعام – فتفكرون في أنواع طعام تريحكم.
وجرّاء اختلال كبير في الهرمونات، يؤثر على حواس الذوق والشمّ، تختبر النساء الحوامل حالات متكرّرة من الرغبات الملحة في تناول الطعام.
وأخيراً، قد يكون هناك رابط ما بين الرغبات الملحة في تناول الطعام وبعض المغذيات. فقد يطلب الجسم أنواعاً معينة من الأطعمة لافتقاره إلى المغذيات التي تحتويها.
ما السبيل للحدّ من الرغبات الملحّة بتناول الطعام
افهموا مشاعركم: لا ينكر بعضنا تناولهم أنواعاً معينة من الأطعمة كنتيجة لبعض المشاعر التي تجتاحنا. إلا أن تناول هذه الأطعمة لن يشفي الألم العاطفي الذي ينتابنا، لذا، يستحسن أخذ الخطوات الضرورية لنفهم مشاعرنا ونتحكّم بها قبل أن نبدأ بالسعي للحدّ من الرغبات الملحة بتناول الطعام، حتى ولو استلزم ذلك الحصول على مساعدة محترفة على صعيد الصحة الفكرية.
التحكّم بالتوتر: أتعرفون ما هو “الأكل الإنفعالي” أو ما يعرف أيضاً بتسمية “الأكل عند الشعور بالتوتر؟” يختبر معظمنا حالات الرغبات الملحة بتناول الطعام حين يكونون مضطربين أو قلقين. بالإضافة إلى ذلك، يرفع التوتر مستوى الكورتيزول في الجسم، وهو هرمون يؤدي إلى كسب الوزن، ولاسيما في محيط البطن. تعاني النساء اللواتي يتعرضن للتوتر من حالات الرغبات الملحة في تناول الطعام ويتناولن أطعمة تحتوي على سعرات حرارية عالية، فيما يميل الرجال إلى شرب الكحول والتدخين أثناء التوتر. استخدموا تقنيات التخفيف من التوتر، كممارسة الرياضة أو اليقظة الذهنية للتحكم بالتوتر.
الحفاظ على الجسم رطباً: بما أن المنطقة عينها من الدماغ مسؤولة عن الشعور بالجوع والعطش، فنحن نميل إلى أن نمزج ما بين هذين الشعورين. لذا، فقد تختارون تناول الطعام في الوقت الذي يحتاج فيه جسمكم للماء. احرصوا على شرب كمية كبيرة من الماء كل يوم.
الحصول على قسط وافر من النوم: أظهرت الدراسات بأن عدم النوم لساعات كافية من شأنه التأثير على توازن الهرمونات في الجسم، وبالتالي يؤدي إلى رغبة ملحة بتناول الطعام. فقد أظهرت دراسة بأن ٥٥% من الأشخاص الذين يحرمون من النوم يكتسبون الوزن الزائد. لذا من الضروري النوم لعدد كاف من الساعات لتفادي حالات الرغبات الملحة بتناول الطعام.
تناولوا وجبات طعام منتظمة وصحية: لتفادي حالات الرغبة الملحة بتناول الطعام، وافتقار الجسم إلى المغذيات، تناولوا الطعام بشكل دوري خلال النهار، مع التركيز على الأطعمة الغنية بالمغذيات. وبهذه الطريقة، لن تشعروا بالجوع وسيحصل جسمكم على المغذيات التي يحتاج إليها. وإن شعرتم برغبة في تناول الطعام ما بين الوجبات، فاعتمدوا وجبات طعام صحية كالفاكهة، المكسرات والبذور أو الخضار. وإن لم تستطيعوا منع نفسكم من تناول قطعة شوكولا سوداء أو بضع حبات من رقائق البطاطس، فتناولوا كمية صغيرة منها. أتميلون لتناول كميات كثيرة من الطعام ؟ يستحسن إذاً استبدال هذه الرغبة الملحة بتناول الطعام بخيارات صحية أكثر.
تناول كمية كافية من البروتيين: إن إضافة البروتيين إلى حميتكم الغذائية من شأنه أن يخفف من الرغبات الملحة لتناول الطعام. فقد أفادت دراسة إلى أنّ إعتماد حمية غذائية غنية بالبروتين، من شأنه تخفيف الرغبة في تناول الطعام مساء بنسبة ٥٠%. وأشارت دراسة أخرى إلى أنه عبر زيادة كمية البروتيين لتصل إلى ٢٥% من إجمالي السعرات الحرارية اليومية، تخفّ الرغبات الملحة بتناول الطعام لدى الرجال الذي يشكون من زيادة في الوزن بنحو ٦٠%.
تغيير عاداتكم: ترتبط بعض حالات الرغبات الملحة في تناول الطعام بعدد من العادات القديمة. قد تمرون بالقرب من مخبز صباح كل يوم وتشتهون تناول كرواسان الشوكولا. في مثل هذه الحالة، بادروا إلى تغيير الطريق الذي تسلكوه. أو لعل والدتكم كانت تستقبلكم بالشاي والكيك عند عودتكم من المدرسة، وفي مثل هذه الحالة، يمكنكم أن تحاولوا تشتيت انتباهكم إلى حين مرور هذه الرغبة الملحة التي تجتاحكم. يمكنكم أيضاً الاتصال بصديق، الذهاب في نزهة قصيرة، أو الاستماع إلى موسيقاكم المفضلة والرقص.
انتظار انتهاء هذه الرغبة: بما أن الرغبات الملحّة تدوم لدقائق عدة، يمكنكم الانتظار حتى تزول. وفيما تقومون بذلك، اشربوا كوباً كبيراً من الماء.
استبدال الرغبات الملحة بأطعمة صحية
في بعض الحالات، يمكننا إرضاء الرغبات الملحة لبعض الأطعمة غير الصحية بخيار صحي أكثر. إليكم بعض البدائل الصحية للأطعمة التي غالباً ما نتوق إليها:
الكاتو والسكريات: إرضوا رغبتكم بتناول السكر بتناول الفاكهة، مثل الدراق، والكرز والشمام. تناولوا دوماً كمية صغيرة من الفاكهة المجففة وستجونها ملائة للتحكم برغبتكم الملحة بتناول السكر.
الشوكولا: يقول بعض الناس بأنهم يعوّضون عن رغبتهم الملحّة بتناول الشوكولا عبر تناول أطعمة غنية بالماغنيزيوم مثل اللوز. وإن لم يشبع اللوز توقكم للشوكولا، يمكنكم تناول الشوكولا الذي يحتوي على نسبة ٧٠% من الكاكاو، إذ تكتفون بكمية صغيرة منه بسبب طعمه المكثّف.
رقائق البطاطس: تحتوي الوجبات الخفيفة الصحية المالحة كالكاجو والبندق على الدهون الجيدة، وهي تشكل بديلاً مثالياً لرقائق البطاطس. كما أن الفشار هو خيار آخر صحي.
المشروبات الغازية: عوضاً عن تناول المشروبات الغازية المشبعة بالسكر، أضيفوا شرائح الفاكهة إلى المياه الفوّارة. ستستمتعون عندها بالطعم ذاته من دون السعرات الحرارية والسكر.
إن فهم الرغبة الملحّة بتناول الطعام وما يحفّزها يسهّل عملية تفايها. كما يسهل عندها اعتماد عادات غذائية صحية والتحكّم بالوزن.