السوفرولوجيا ودورها في تنمية الوعي الجسدي!

الوعي هو مفتاح التحوّل، ويبدأ ببساطة من خلال الوعي الجسدي. فيسعى جسدنا دائمًا إلى جذب إهتمامنا في حين أنّنا اعتدنا في مجتمعنا الحديث، العيش مع انفصال العقل عن الجسد.

عندما قال ديكارت عبارته الشهيرة: ”أنا أفكر، إذًا أنا موجود“ وجّه رسالة مهمّة مفادها أنّ الجسد ليس بأهميّة العقل. واليوم، أصبحت صلتنا بجسدنا إلى حدٍّ ما متضاربة.

فماذا لو بدأنا الإهتمام أكثر بجسدنا؟ وماذا لو حاولنا الإصغاء إلى ما يخبرنا به؟

غالبًا ما تظهر على أجسادنا آثار أفكارنا ومشاعرنا، والتي تتحوّل أحيانًا إلى عوارض. ودائمًا ما تنعكس مشاعرنا السلبية وإحباطاتنا واضطرابنا وتوترنا بشكل سلبيّ على جسدنا، ممّا يسبّب توتّر عضلي يتفاوت في العمق والشدة نظرًا للمحفزات. فيوجد صلة قويّة تربط بين كل من الجسد والمشاعر والعقل. فيأخذ الجسد شكل المشاعر التي يختبرها. اذ إنه المكان الذي تتجلّى فيه المشاعر والأفكار ولكنّنا عادةً لا ندرك ذلك لأننا لا نولي له اهتمامًا.

لذلك، وبهدف معرفة جسدنا، يتعيّن علينا الإستماع إليه. فهو ينقل إلينا بإستمرار رسائل، بعضها أكثر دقة وبعضها الآخر أكثر قوة.

يمكن أن يكون علم السوفرولوجيا السبيل الأمثل لتنمية الوعي الجسدي. الجسد، والعلاقة بين كل من الجسد والعقل والمشاعر، هما في صلب منهج السوفرولوجيا. كما تقول لورينا لوشيان: “تهدف السوفرولوجيا إلى مساعدتنا لإعادة الاتصال بجسدنا وذكائه اللامتناهي.” وتتطلّب تنمية الوعي الجسدي في علم السوفرولوجيا منهجية وممارسات محدّدة:

  • في مرحلة أولى، نبدأ فقط بتنمية وعينا بوجودنا “هنا والآن”. وهذا ما يسمّى بالتعظيم الأساسي، أو بعبارة أسهل، مسح الجسد. وتعتبر هذه الفترة المرحلة التمهيدية والأساسية لأي ممارسة في علم السيوفولوجيا، وتسمح لنا بتطوير نوعية معينة من الوجود. من خلال هذه الممارسة، سنسمح تدريجيًا لأذهاننا بأن تهدأ أكثر، وسنهتمّ بكل جزء من أجزاء جسدنا، وسنبدأ في الملاحظة والشعور “بالتخلي/النسيان”. وفي الوقت نفسه، سنكون واعيين تمامًا ومتصلين بجسدنا وبيئتنا.
  • تتضمن المرحلة الثانية ممارسات تسمّى الاسترخاء الديناميكي. تسمح لنا الدرجة الأولى من الاسترخاء الديناميكي بتنمية وعي جسدي أكثر حدة من خلال أحاسيسنا. ينصب التركيز هنا على إعادة اكتشاف أحاسيسنا كما لو كنّا نختبرها للمرّة الأولى، مع شعور من الدهشة والتعجّب. وخلال هذه المرحلة، سنحاول التخلّص من أي حكم أو تحليل، والسماح لأنفسنا أن نشعر وأن نعيش.

تتضمن الدرجة الثانية من الاسترخاء الديناميكي التصوّر. نطوّر هنا وعينا الذاتي من خلال تصوّر جسدنا، وكل جزء منه، مرة أخرى كما لو كنا نلتقي بأنفسنا للمرّة الأولى من دون حكم أو أفكار مسبقة. هذا يعزّز صورة ذاتية إيجابية وما نسمّيه ب “خريطة الجسد كواقع معيش”.

  • أخيرًا ، يوجد عنصر مهم جدًا في الوعي الجسدي وهو التنفس.كما تقول لورينا لوسيان: “يمثّل التنفس صلة خاصة بين العقل والجسد” والإهتمام بتنفسنا يمكن أن يساعدنا في معرفة الكثير عن حالتنا العاطفية والجسدية. على سبيل المثال، إذا كنا نشعر بالقلق، فإن أنفاسنا تصبح قصيرة وسريعة وأكثر في الصدر. أما إذا كنا مسترخين تمامًا، فإن أنفاسنا تصبح عميقة وواسعة وأكثر في البطن. وتتضمن الممارسات المحدّدة المختلفة في علم السوفرولوجيا التنفس الواعي كوسيلة لتنمية الوعي الجسدي، وأيضًا كوسيلة للتخلص من التوتر العضلي وتحقيق التوازن العاطفي.

ربما يعجبك أيضا