لكي نتمكّن من فهم موضوع الإبداع بمختلف جوانبه، من الضروري أن نراعي عدداً من النواحي، كالشخصية، الذكاء، المعرفة، أسلوب التفكير، العوامل المحفّزة والبيئة المحيطة. فالميول الفطرية والخصائص المكتسبة تؤثر على السلوك المبدع. إلا أنّه، من الضروري تحديد أثر ديناميكية الفريق على الإبداع وعدم ربط تركيزنا بخصائص الأفراد فقط. فتعزيز الإبداع يستلزم مراعاة التفاعل ما بين أعضاء الفريق وثقافة المؤسسة. فالانطلاق في مسيرة تحويل الفكرة إلى واقع يستلزم عدداً من الإجراءات العاطفية، السلوكية، والمحورية. ومن هنا، إليكم خمس استراتيجيات فعّالة لتشجيع الابداع ضمن فريق العمل. ١ -نشر ثقافة التواصل المنفتح اعقدوا اجتماعات جماعية، بحيث يشعر أعضاء الفريق بالراحة في التعبير عن أفكارهم، وآرائهم ومخاوفهم، وشجعوا المناقشات فيما بينهم تسهيلاً لتبادل الأفكار. وفيما يعدّ التواصل بشكل منفتح ضرورياً، لا بدّ وأن يراعي عدداً من السمات الأساسية كالقدرة على التعبير والخجل. وبغية تخطي هذه القيود، نقترح وضع صندوق لتقديم الاقتراحات من دون ذكر الاسم أو العمل على منصات رقمية لمشاركة الأفكار وذلك حرصاً على أن يشعر جميع المعنيين بالراحة أثناء المشاركة في النقاش وعرض الأفكار، وذلك بغض النظر عن سماتهم الشخصية. ٢ -تأمين فرص تعلّم وتطوّر تنفيذ برامج تدريب تطوّر مهارات أفراد الفريق، وتقنياتهم أو التطورات الصناعية. فذلك، يوسّع قاعدة معرفتهم ويحفّز تفكيرهم الإبداعي. إلا أن هذه الخطوة محدودة، إذ قد يمتلك بعض أعضاء الفريق خلفيات تجعل تنفيذ البرامج التدريبية الموحّدة مسألة لا تخلو من التحدي. وبالتالي، فإنّ الحلّ الأمثل هو تقديم مسارات تعلّم معدّة بحسب الطلب تسمح للأفراد بأن يطوّروا مجالات معينة تهمّهم ويصيغوا برامج تدريبية تتناسب ومجموعة مهاراتهم. ٣- تعزيز التنوّع والدمج ضمن الفريق ابنوا فريقاً يتمتع بخلفيات، وخبرات ورؤى. فمزيج وجهات النظر يعزّز الإبداع عبر تقديم مقاربات حلّ المشاكل. إلا أنّ بناء فريق عمل متنوّع من شأنه أن يؤدي إلى وجود بعض المقاومة أو العقبات ضمن بعض الثقافات المؤسساتية. ومن هنا، لا بدّ من اعتماد برامج تدريب تسلّط الضوء على التنوع والاندماج بغية تخطي هذا العائق. إذ يفترض بهذه البرامج أن تركّز على فوائد امتلاك رؤى مختلفة والمساهمة في نشر ثقافة تعزّز الاحترام، والمسامحة وتقبّل الآخر. ٤- تشجيع التعاون بين مختلف الوظائف يؤدي تشكيل فرق مؤلفة من أفراد من أقسام مختلفة من المؤسسة إلى الترويج للابتكار عبر تبادل الأفكار والخبرات. وبالرغم من قوة الفريق المتداخل الوظائف، من الضروري الاعتراف بأن التعاون المتعدد التخصصات قد يؤدي إلى وجود تحديات معينة جراء التعارض في الأولويات. ولذا، فإن اعتماد نظام مكافآت يستند إلى مشاريع متعددة الوظائف، من شأنه أن يسهم في تبني ثقافة تشجّع على التعاون وتقدّره.
٥- تأمين الاستقلالية والمرونة إنّ السماح للأفراد بإنجاز المهام بشكل مستقل يعزّز من قدرتهم على التجربة وإيجاد الحلول المبتكرة. وحتى مع اعتماد إطار عمل ممنهج، فإنّ الاستقلالية تسهم في تحقيق نتائج إيجابية ضمن الفريق. لذا، فإن وضع الأهداف والتوجيهات بالرغم من إفساح المجال للاستقلالية مسألة غاية في الأهمية لتخطي هذا التحدي. كما أنّ جلسات التدقيق الدورية والتقييم تسهم في رصف الجهود لتتماشى وأهداف الفريق. الفوائد الأساسية إن تعزيز الإبداع عملية مستمرة تتضمن تقديم الدعم للقادة، وتأمين بيئة مواتية، وتطوير ثقافة تعاونية. فهذه المقاربة تعزيز الإبداع ضمن الفريق، وتذهب إلى ما هو أبعد من حدود تقديم الأفكار، فيصبح الإبداع مصدرًا من مصادر التطوّر الجماعي.
