الضحك أفضل سلاح لتعزيز المرونة والتصدي للصعاب

بقلم رانيا خوري

يوم الأربعاء مساء، علقت في زحمة السير وأنا في طريقي لإجراء جلسة علاج بالضحك لتلامذة إحدى الجامعات. وفيما كنت أراقب عقارب الساعة تتقدم على ساعة السيارة، لم أستطع تمالك نفسي من الشعور بالتوتر والقلق حول احتمال وصولي متأخرة، وهو أمر أسعى دوماً لتفاديه. أيقنتُ بأنّ عليّ أن أهدأ، إلا أنه وبوجود كل السائقين والسائقات المستشيطين غيظاً من حولي، وزمامير السيارات، خطرت ببالي فكرة: الضحك. فأنا أروّج دوماً للضحك كأداة تخوّلنا رؤية الأمور من منظار أكثر خفّة، وأدركت بأن هذه الفرصة الملائمة لأطبّق ما أعلّمه، فبدأت أضحك.

أجمعت الآراء على أنّ الضحك هو مُعدِّل المزاج الطبيعي الأفضل لأنه يعزّز إطلاق الاندورفين في الجسم، وهو مسكّن الألم الطبيعي في الجسم، ما يخفّف من حدّة التوتر، والقلق، والاكتئاب. كما أنه يعزّز جهاز المناعة، ويحسّن صحة القلب والشرايين ويعزّز الوظائف الإدراكية. فالفوائد الجسدية الناجمة عن الضحك ما هي إلا جزء بسيط من فوائده الجمّة وتأثيره قوته.

وبصفتي شخص يقيم جلسات الضحك ويروّج لها كطريقة سهلة ومسلية للتعامل مع التوتر، بدأت أقدّر قدرة الضحك على إجراء تحوّلات. ومن خلال دراساتي المعمّقة لموضوع الضحك، اكتشفت بأن الفنّ والتمتع بالوقت ما هي إلا أول الغيث، إذ أن الضحك أداة قوية لتعزيز قدرة الجسم على المرونة.

فحين يعاني المرء من المشاكل، تعدّ المرونة هي القدرة على التحمّل والتعامل مع التحديات وتحمّل أعباء الحياة من دون الانهزام. وبالإضافة إلى ما سبق، فإن المرونة هي القدرة على التماثل بالشفاء أو العودة إلى مستوى الطاقة عينها أو إلى مستوى طاقة أعلى بعد التعرّض لأزمة معينة. فهي القدرة على المقاومة والنمو في وجه التحديات لأن المرء يتعلّم من خبراته، وبذلك، ينمو ويصبح أقوى وأشدّ مرونة.

ولكن، كيف يعزّز الضحك المرونة؟
الضحك أداة قوية لبناء المرونة لأنه يساعد على بناء المشاعر الإيجابية ويحسّن صحتنا النفسية والجسدية في اللحظة الآنية. وحين نشعر بأننا في حالة جيدة، نتسلّح بمزيد من القدرات لاتخاذ القرارات السليمة ولمقاربة المشاكل بشكل عقلاني وموضوعي. وبالتالي، حين نشعر بأننا بحال أفضل، نستطيع تخطي الحالات الصعبة بسرعة أكبر، ما يسمح لنا بتخطي الصعوبات وتحقيق الأهداف.

وبالعودة إلى سيارتي، مساء يوم الأربعاء ذلك، وبعد قضاء ثلاث دقائق في الضحك، لم يتغيّر أي شيء من حولي، فأنا ما زلت محاطة بالسيارة التي تطلق زماميرها وبالسائقين والسائقات المستشيطين غضباً، وما زالت عقارب الساعة تتقدم. إلا أنني شعرت بأنني مختلفة بعض الشيء، أحسست بأنني أكثر هدوءاً وأقلّ توتراً. نظرت إلى نفسي في المرآة، وابتسمت قائلة: الضحك علاج نافع فعلاً!

ربما يعجبك أيضا