النوم ومعجزاته على صعيد خسارة الوزن

بقلم ندى طويل

نصائح مفيدة حين ننام لعدد ساعات كافٍ، ونتمطّى بشكل جيد، نتناول كميات أقلّ من الطعام، ونتمكن من اختيار طعام ذي نوعية أفضل، ما يجعلنا نتخلص من الوزن الزائد الذي اكتسبناه عند محاولة استعادة صحتنا ورفاهيتنا.

يعلن فصل الربيع بدء الطقس الجميل، والنشاطات الخارجية، وطول الأيام. فكثير من الأشخاص يبدأوون بالتفكير بطرق للتخلص من السنتيمترات الإضافية التي اكتسبناها خلال أشهر الشتاء القارسة. ولكن، أتعلمون كيف يساعدكم النوم السليم على التخلص من الوزن الزائد؟

النوم يفعل المعجزات على صعيد خسارة الوزن منذ بضع سنوات، وأثناء إجرائي دراسات لتحسين نوعية نومي، استطعت أن أدرك الآليات المعقدة التي تربط ما بين نوعية النوم وعدد ساعات النوم والسبب الذي يدفعني إلى تناول كميات أكبر من الطعام وتفضيلي الأطعمة ذات الجودة المنخفضة. وقد تفاجأت بذلك، ولاسيما وأنني اعتدت على تناول الطعام في وقت متأخر من الليل، وأنزعج مساء، ما يؤثر على نوعية نومي (بالرغم من أنني كنت أتناول كامل الكمية التي أرغب بها)، وأستيقظ متعباً في اليوم التالي، متسائلاً عن السبب الذي يجعلني أشعر بهذا القدر من الجوع والتوق لتناول النشويات والسكريات. ومن حسن حظي، بعد أن أدركت كيف يتحكّم النوم ببعض الهرمونات في جسمي، تمكنت من أن أصلح هذه المشكلة، وأنام بشكل أفضل، وأستيقظ بنشاط، كما أنني خسرت بعض الوزن من دون أن أبذل أي جهد!

هرمونات الجوع يؤثر النوم على الهرمونات، ولاسيما على هرمونات الطاقة التي تنظّم الجوع والشبع: الغرلين واللبتين، على التوالي. بعبارة أبسط، حين يشير هرمون الغرلين إلى أننا جياع، فنحن نتناول الطعام. وبعدها، يأتي هرمون اللبتين ليشير لنا بأننا شبعنا، فنتوقف عن تناول الطعام. إلا أنه، حين ينقصنا النوم، يختلّ هذا التوازن، فنختبر ارتفاعاً في هرمون الغرلين مشيراً إلى أننا جائعين، جائعين، جائعين … فيما يتوقف هرمون اللبتين عن إعطاء إشارة بأننا شبعنا. ونتيجة لذلك، نواظب على تناول كميات أكبر من الطعام، ما يصعّب علينا النوم ليلاَ، ويرفع من معدلات التوتر المرتبط بمستويات الكورتيزول. وحينها، ندخل في حلقة من التوتر الناجم عن الحرمان من النوم، والإفراط في تناول الطعام، ما يؤدي إلى زيادة الوزن.

سوء اتخاذ القرارات حين ننام لوقت أقلّ مما نحتاج إليه، يتخذ دماغنا قرارات سيئة بشكل عام. فالحرمان من النوم يبطء الحركة في الفصّ الأمامي، وهي قسم الدماغ المرتبط بإدراك الذات وبقدرتنا على التحكّم بردات فعلنا. فنتوق للحصول على مزيد من المكافآت، ويصبح من الصعب التحكّم بالإغراءات. كما أن النوم لفترات قليلة يدفعنا على تناول كميات أكبر من الطعام، فينتهي بنا الأمر في تناول كميات كبيرة من الطعام غير الصحي، ناهيك عن زيادة كميات الوجبات الخفيفة غير الصحية. وقد أشارت دراسة من American Journal of Clinical Nutrition بأنه حين يحرم الناس من النوم السليم، تزداد وتيرة تناولهم للوجبات الخفيفة ليلا، ويرجّح أن يختاروا الأطعمة الغنية بالطاقة وذات السعرات الحرارية المرتفعة وبالتالي يرفعون مستويات الانسولين في جسمهم. وفي دراسة أخرى لجامعة شيكاغو، تبيّن بأن المشاركين في الدراسة المحرومين من النوم اختاروا وجبات خفيفة تحتوي على ضعفي الدهون مقارنة بأولئك الذين ينامون لثماني ساعات كلّ ليلة. وبناء على ما سبق، فنحن بحاجة إلى اتخاذ قرارات سليمة لما لها من تأثير كبير علينا حين تقدّم أمامنا أطعمة لذيذة.

النوم لساعات أطول، يسهم في خفض الوزن لقد خسرت الوزن عندما نظّمت نومي، وبمقدورك أن تحذو حذوي. وفيما تطول اللائحة وتعتمد على عدد من العوامل الفردية، أثبتت هذه النصائح الخمس فعاليتها بالنسبة إليّ وإلى أفراد عائلتي، وأصدقائي، والناس الذين أدرّبهم على تحسين وتيرة نومهم:

  • حلّ فصل الربيع، استفيدوا من نصف ساعة من الشمس صباحاً (قبل فترة الظهيرة). يسهم ذلك في إعادة ضبط ساعتكم البيولوجية ويحثّكم على النور مبكراً مساء. قوموا ببعض النشاط الجسدي أو التمارين الرياضية لتعزيز تأثير الشمس عليكم وزيادة إنتاج الميلاتونين في خلاياتكم حتى تتمكنوا من النوم بشكل أفضل مساء.
  • خفّفوا من المشروبات التي تعيق النوم، فخففوا من استهلاك الكافيين بعد الساعة الثالثة من بعد الظهر، لأن ذلك قد يحرمكم ساعات من النوم. تفادوا أيضاً تناول المشروبات الكحولية مساء، إذ يعيق ذلك حصولكم على النوم السليم.
  • إن أخذ قيلولة لمدة ٢٠ دقيقة خلال النهار (بعد الغداء مباشرة لا في فترة لاحقة) يعزّز طاقتكم، ولاسيما إن لم تحظوا بقسط وافر من النوم خلال الليلة الفائتة. احذروا النوم لأكثر من ٢٠ دقيقة إذ سيكون لذلك تأثير معاكس وقد تصابون بالأرق الليل بطوله. اضبطوا المنبّه ليرنّ بعد ٢٠ دقيقة واغمضوا عينيكم وتنفسوا.
  • السهر لوقت طويل قد يكون المعيار، سواء أكان بغرض التواصل الاجتماعي، أو العمل، أو اللعب، إلخ… ولكن، من المهم جداً حماية نومكم عبر تخصيص ليلة للنوم باكراً من دون أي تشتّت. فكل ساعة نوم تحرمون جسمكم منها يؤدي إلى زيادة هرمون الغرلين الذي يزيد من شهيتكم، فيما يتلاشى هرمون اللبتين ويجعلكم تتناولون كميات أكبر من الطعام في اليوم التالي.
  • اعتمدوا الأطعمة الغنية بالبروتينات مساء وتناولوها قبل ٣ ساعات من النوم على الأقل.

لتعزيز نومكم وخسارة بعض الوزن، اعتمدوا هذه النصائح الخمسة. ابدأوا بتنفيذها هذه الليلة، ولا تنتظروا للغد! وفيما تبدأوون بالحصول على النتائج الإيجابية، سمّوا أنفسكم “سفير النوم” وشاركوا معرفتكم وعاداتكم الجديدة مع أفراد عائلتكم وحلقة أصدقائكم المقرّبين.

“النوم هو الحلقة الذهبية التي تعزّز الروابط ما بين الجسم والصحة”، توماس ديكر

ربما يعجبك أيضا