قوّة الثقة

بقلم نانسي أبو جودة

قوّة الثقة أسبق لكم أن فقدتم الأمل؟ أسبق لكم أن أخذتم الأمور بشكل شخصي؟ أسبق لكم أن تجنّبتم الالتزام؟ أسبق لكم أن التزمتم بعلاقة معينة خارج قناعاتكم؟ أسبق لكم أن شعرتم بالوحدة؟

كلّ شخص معرض لمواجهة مثل هذه الصعوبات والعثرات في مرحلة معينة من مراحل حياته. ولكن، ما هو عدد الأشخاص المستعدين للمبادرة لاكتشاف السبب وراء هذه الصعوبات وإيجاد الطريقة المثلى للخروج منها؟

فلنعد إلى الجذور، إلى الأصول والبدايات.

إنّ الحياة شبيهة بساحة معركة، حيث تمتلكون دوما حرية الإختيار ما بين المحاربة، الهرب أو التسمّر في المكان.

وبطبيعة الحال، يخوض المرء المعركة مجهّزاً بالكامل لأداء الدور الموكل إليه. ومن هنا، وبالرغم من امتلاك الأدوات الكاملة، عليكم أن تتمرّنوا لتتمرسوا على استخدام هذه الأدوات بانتظار تنفيذ دعوتكم.

والآن، خذوا نفساً عميقاً، أرخوا جسمكم، هدئوا من روع فكركم، افتحوا قلبكم وحاولوا أن تتخيّلوا أنفسكم، في الحقل عينه. تخيلوا:

أحلامكم على أنها المحاربون الذي يدفعونكم قدماً الشغف الذي يتملّككم على أنه الطاقة الأمل هو السلاح الذي لا يُهزم الإيمان هو الدرع الذي لا ينكسر

قد يكون النجاح هو هدفكم الأمثل في الحياة، إلا أن بناء الإرث هو مردودكم الفعليّ.

فلنتخيّل ما قد يحدث إن خسرنا واحدة من هذه الركائز: الأحلام، الشغف، الأمل أو الإيمان. فهل كنّا لنجرؤ على المحاربة؟

إن خسرنا أحلامنا، فسيكون القتال بلا هدف، وحينها ستفقد الحياة كلّ معنى. لن يكون أمامنا أي دافع، غاية أو سبب للمضي قدماً.

وإن فقدنا شغفنا، فستتلاشى طاقتنا، وحينها سنصبح خائري القوى، عاجزين عن التقدّم مهما بذلنا من جهد.

وإن فقدنا الأمل، سنصبح غير مسلحين. والأمر سيّان إن فقدنا الإيمان، إذ أننا سنصبح عندها مكشوفين بالكامل.

وماذا إن خسر أحدهم واحدة من هذه الركائز؟ كم ستبلغ حظوظ نجاحه؟ فالأمل والإيمان يسيران جنباً إلى جنب، فهما مرتبطان بشكل وثيق.

لذا، يجب علينا أن نتحقّق من “السبب”. لِم عسانا نخسر أحد هذه العناصر أو أكثر؟ ما هو العامل القوي القادر على حرماننا من أحلامنا، وشغفنا، وأملنا أو إيماننا؟

… إنها الثقة

ننخرط جميعنا في أربع أنواع مختلفة من العلاقات- العلاقة مع الله، العلاقة مع أنفسنا، العلاقة مع بعضنا البعض والعلاقة مع عالمنا.

وبما أنّ نوعية علاقاتنا تحدّد نوعية حياتنا، ونظراً ولأن الثقة هي أساس أي علاقة سليمة، فيمكننا أن نفترض بشكل مباشر بأن انعدام الثقة من شأنه أن يدمّر كل ناحية من نواحي حياتنا.

ففقدان الثقة في الله من شأنه أن يجعلنا كائنات يائسة. وفقدان الثقة بأنفسنا من شأنه أن يجعلنا كائنات ضحايا. وفقدان الثقة بالآخرين من شأنه أن يجعلنا كائنات وحيدة.

لذا، لا بدّ وأن نتنبّه إلى “الطريقة”. ما السبيل لنربح هذه المعركة وننقذ حياتنا؟

في معظم الأحيان، يكون فقدان الثقة متكاملاً. فنحن لا نستطيع أن نثق بالآخرين ما لم نثق بأنفسنا. ولا نستطيع أن نثق بأنفسنا، ما لم نستطع أن نثق بالله.

أن نثق بالله لا يعني فقط أن نؤمن بوجوده، بل يتخطى ذلك ليعني الإيمان بحبّه، برحمته، وبحكمته. فقد خلقنا الله لسبب. فمن خلال قصتنا، يهدف الله إلى توجيه رسالة معينة إلى العالم. إلا أنه، لا يمكن إيصال الرسالة بشكل كامل ما لم نكن غير كاملين. فالمرء لا يقدّر نعمة النور ما لم يختبر الظلام، ولا يتمتع بنور الشمس من دون المطر. كما أنه لا يقدّر السعادة ما لم يشعر بالحزن. ولا يقدّر النجاح ما لم يعش خيبات الأمل. واللائحة تطول وتطول…

فكلّ تحدٍ هو فرصة جديدة للتعلّم، والنّمو، والتطوّر والنضوج. وكلّ نضال يحمل في طياته درساً نستقيه من الألم. وبالتالي، فإن عملية الشفاء ستنير مستقبلكم، وتقود خطاكم على المسار الذي ولدتم لتخطونه، ما إن تقرّروا أن تتواضعوا بما فيه الكفاية لتفهموا الأمور.

الثقة بالله هي الإدراك الكامل بأن الله:

لن يضعكم أبداً في وضع لا تستطيعون الخروج منه. يدرك قواكم، ومواهبكم، ومهاراتكم وقدراتكم. يؤمن بكم وبقدرتكم على تحقيق مهمته من خلالكم.

وكلّما تعزّزت ثقتكم به، كلّما زادت ثقتكم بأنفسكم.

فحين تكتشفون نقاط قوتكم، تستثمرون فيها. وحين تقبلون نقاط ضعفكم، تعملون على تحسينها. وحين تربطون النقاط بعضها ببعض، ستكشفون الهدف من وجودكم. وحينها، تكفّون عن انتظار أي تأكيدات من الآخرين على قيمتكم الفعلية. وحينها، ستتوقفون عن أخذ الأمور بطريقة شخصية لأنكم تعرفون حقيقتكم، ولن يستطيع أحد تحديدكم.

وأخيراً، حين تؤمنون بأنفسكم ستتجهون نحو الأشخاص الملائمين في محيطكم، وسيجعلكم ترتبطون بأشخاص يشاطرونكم طريقة التفكير عينها في هذا العالم. كما أن ذلك سيساعدكم على بناء علاقات صحية، وسليمة تدوم للأبد لأنها بُنيت على أسس راسخة مع مشاركة الرؤية عينها واستهداف الغايات المشتركة. وعندها ستتوقفون عن البحث عن الأشخاص الذين يكمّلونكم، وستبدأون بتحديد الأشخاص الذين يقدّرون مستوى كمالكم.

وتذكّروا دوماً بأنّ “الحقيقة المجرّدة تبني الثقة وتعزّزها”.

ربما يعجبك أيضا