العلاقة ما بين الإخوة والأخوات وتأثيرها على الصحة النفسية

بقلم فريق صحة والناس

كيف تؤثر العلاقة ما بين الإخوة والأخوات على صحتهم النفسية؟ كيف تؤثر ثقافتنا على عملية تربية الإخوة والأخوات؟

بصفتنا إخوة، أخوات، أمهات، آباء، مقدمي رعاية، أو عشاق، فنحن نبذل الطاقة في تحسين العلاقات لمصلحة كل الناس المعنيين حتى يعيشوا بتناغم. طالعوا هذا المقال الذي يعرض لدور الإخوة والأخوات في عملية التنمية والصحة.

سيسهم هذا المقال في جعلكم تفهمون أهمية العلاقات ما بين الإخوة ومستوى تعقيد ديناميكية هذه العلاقة، حتى يتسنّى لكم تحسين العلاقة، وفهم الآخرين أو بكل بساطة تعلّم المزيد!

تجدر الإشارة إلى أن العلاقة ما بين الإخوة والأخوات مهملة بشكل كبير على صعيد الممارسات النفسية، ولا بدّ من إجراء مزيد من الأبحاث بغية الوصول إلى خلاصات شاملة حولها.

فما الذي نعرفه حتى الآن؟ وماذا نستطيع أن نتعلّم؟

في هولندا، جمع العلماء الدراسات العالمية التي تدقق في دور الإخوة والأخوات على صعيد الصحة النفسية للأولاد. جرى ذلك على مستوى استبطان المشاكل أو إخراجها إلى العلن، أي عملية توجيه المشاكل أو المشاعر نحو الداخل أو نوع الذات مقابل المشاكل التي تتجلّى من خلال السلوك السلبي للأولاد تجاه الغير والذي يؤثر على البيئة الخارجية.

تمحور الهدف من هذه الدراسة حول الاطلاع على كيفية تأثير دفء الإخوة والنزاع ما بين الإخوة على منطلق اضطراب الصحة النفسية أو الأمراض النفسية لدى الأطفال. وتظهر النتائج بأن دفء العلاقة مع الإخوة والأخوات يحمي الأطفال من الأمراض النفسية ويعزّز حلّ المشاكل بشكل داخلي عوضاً عن إخراجها إلى العلن بشكل سيء. من جهة أخرى، فإن النزاع ما بين الإخوة مرتبط بشكل إيجابي بالأمراض النفسية وبمشكلة إخراج الأمور إلى العلن. إلا أن عدم المساواة في التعامل ما بين الإخوة والأخوات يؤدي إلى تدهور الصحة النفسية ويدفع نحو إخراج المشاكل إلى العلن. ما يعني بأنّ تجاهل التوتر والنزاع الدائم ما بين الإخوة أو النزاع ما بين الإخوة هو تجاهل للصحة النفسية ولمؤشرات العافية.

وبالإضافة إلى كلّ ما سبق، فإن عمر الإخوة وجنسهم ومستوى الدفء والنزاع فيما بينهم يترك تأثيره على حلّ المشاكل داخلياً أو إطلاقها إلى العلن. تجدر الإشارة إلى أن الإخوة والأخوات من العمر نفسه والجنس نفسه يتأثرون بشكل أكبر بطبيعة العلاقة ما بين الإخوة لأنهم يكونون متقاربين ويؤثرون على بعضهم البعض بصورة أكبر. إلا أنه مدى صحة ذلك في العالم العربي مازال قيد الدرس وهو موضوع دراسة ونقاش. وقد تكون العلاقة بين الإخوة من جنسين مختلفين أقوى في ثقافاتنا التي تقدّر دور الأجناس والتناغم ما بين الأخ وأخته. والموضوع لا يتوقف عند هذا الحدّ! فمن أبرز الأمور التي تعلّمتها هي أنه، في العالم الغربي، اطلعت الدراسات المتعلقة بأدوار الإخوة بمختلف المتغيرات كتأثير الجنس وكيفية تأثير الإخوة والأخوات على بعضهم البعض على صعيد الهوية. وبشكل مقارن، فإن الدراسات في العالم العربي محدودة للغاية ولم تنظر إلى تأثير مختلف المتغيرات بشكل شامل.

على مستوى الثقافات العربية، فإن الدراسات المحدودة قد كشفت وجود الكثير من التوقعات المختلفة من الإخوة حيث يتم تربية الأشقاء على الحصول على الكثير من الأمور من أخواتهم أكثر مما يعطينهنّ. وفي المقابل، يتوقع من الأخوات التضحية أكثر وذلك بسبب الأدوار المرتبطة بالنوع الاجتماعي، وفي بعض الأحيان، يعكس ذلك مساهمة الأم في المنزل بشكل أكبر لتلبية حاجات الأب. ومن هنا، يتجلّى تأثير النوع الاجتماعي في فهم طريقة تجلي دور الإخوة والأخوات.

وبما أن الأفراد الذي يعيشون في المجتمع يهدفون إلى التواصل ويشعرون بنوع من الانتماء، تؤثر الثقافة بشكل كبير على العديد من الديناميكيات كتلك المتعلقة بالعلاقات، بما في ذلك التوقعات والتطلّعات.

فلنفكر معاً بطريقة تأثير الثقافة على هذا الموضوع؛ إذ يمكننا التفكير بدور الثقافة والتظر إلى تأثير النوع الاجتماعي وتسلسل الولادة. فمن المثير للاهتمام التفكير بتأثير ذلك في العالم العربي، ضمن هذه الثقافة غير المتجانسة. فيف العالم العربي، يُتوقع من الأخ البكر حماية أخته على الصعيد الجسدي. وقد يتولى الإخوة الشباب هذا الدور أيضاً نظراً للأهمية التي يتمّ إيلائها لسمعة الأخوات في هذه الثقافة الجماعية. فعلى سبيل المثال، قد يتدخل الإخوة الشباب كثيراً في علاقات أخواتهنّ العاطفية أكثر مما يفعلون في الثقافات الأخرى. أما في الثقافات التي تراعي الفردية، فقد لا يتدخّل الإخوة في هذه المواضيع لأنهم يدركون بأن المجتمع الأكبر لن ينظر بشكل سلبي إلى العلاقات العاطفية لإخواته.

ومن هنا، فإن علاقة الأخ بأخته قد ترتبط لا بتسلسل الولادة وحسب، بل أيضاً بالطريقة التي يسعى الشاب من خلالها للحفاظ على سمعة إيجابية لأخته في الثقافات التي تتميز بطابعها التقليدي عندما يرتبط الموضوع بالعلاقات الاجتماعية.

تمحور الهدف من هذا المقال حول مشاركتكم موجزاً حول المعلومات التي جمعها الباحثون حول تأثير العلاقات بين الإخوة والأخوات والصحة النفسية. والآن، بات دوركم للنظر إلى هذه المعلومات كأداة لصياغة منظور أفضل وخلق مسار لضمان علاقات وتبادلات أفضل وأكثر صحة.

ولا بدّ من التأكيد على ضرورة تقصي المعلومات المتعلقة بتأثير العلاقة ما بين الإخوة على بعضهم البعض وعلى صحتهم النفسية للتوصل إلى خطوات عملية أكثر وتوصيات أشمل حول سبل تحسين العلاقات ما بين الإخوة.

فلننطلق من هذه الأسئلة…

لِم يتصرّف الإخوة والأخوات بهذه الطريقة؟ لِم يتوقع الإخوة والأخوات بعض الأشياء من بعضهم البعض؟

فوضع أنفسنا مكانهم قد يكون الخطوة الأمثل نحو زيادة العافية الاجتماعية!

ربما يعجبك أيضا