فلنروّج لنظرة أكثر إيجابية لموضوع العلاقة الجنسية في مجتمعاتنا

بقلم فريق صحة والناس

في مجتمعات بلدان الشرق الأوسط، نادراً ما يتم التطرق إلى موضوع الجنس من منظار محترف. وإن تمّ التطرق للموضوع، فيتم ذلك في خلوة المنزل. وما كان في الماضي موضوعاً محرّماً، بات اليوم موضوع نقاش لا بدّ من إجرائه. واتخاذ موقف سلبي من الأشخاص الذين يعيشون حياة جنسية نشيطة ليس بالأمر الجديد في مجتمعات الشرق الأوسط. فهذه التعاليم مدمجة في مختلف نواحي الحياة. من المدارس وصولاً إلى الجامعات، يتعلّم الأولاد النظر إلى العلاقة الجنسية على أنها عمل مرتبط بالإنجاب ومسألة يلفّها التكتّم. إلا أن الحقيقة مغايرة لذلك، فالعلاقة الجنسية هي جزء طبيعي من السلوك البشري، وأمر يستلزم أن نمنحه انتباهنا الدائم. أما بالنسبة إلى النساء، فقد أثبتت الدراسات بأن للعلاقة الجنسية فوائد صحية كثيرة تضاف إلى اللذة الجسدية.

 

وفي هذا الإطار، أخذت أخصائية علم المناعة شيرين الفقي، وهي سيدة مسلمة، أحد والديها مصري، مبادرة لتشجيع النساء في العالم العربي على الانفتاح على موضوع الحياة الجنسية. وجالت في أنحاء المغرب، ومصر، والمملكة العربية السعودية، وقطر ولبنان للتحدث مع الناس حول موضوع الجنس. وكانت النتائج التي خلُصت إليها مثيرة للاهتمام، بحسب ما قالت شيرين في مقال لمجلة New Internationalist: ” لم تكن المشكلة التي واجهتها مرتبطة بالتحدث عن موضوع الجنس، بل بالأحرى حول دفعهم للتوقف عن الكلام”. وأردفت: ” كان الناس توّاقين لطرح الأسئلة والتحدث بانفتاح عن خبراتهم. في معظم الأحيان، لا تتحدث النساء بانفتاح عن تجاربهنّ لأنهنّ يخشين أن يصار إلى الحُكم عليهنّ، إلا أنهنّ اعتبرن بأنه، ونظراً لكوني آتية من الغرب، فهنّ قادرات على التحدّث أمامي من دون أن أحكم عليهنً”. بالنسبة إلى شيرين، كانت المشكلة واضحة بشكل جلي، فقد عانت المجتمعات من التمييز ما بين الواقع والمظاهر. واقتبست كلام طبيبتها النسائية المصرية، التي قالت:

 

“في العالم العربي، يُنظر إلى الجنس على أنه نقيض الرياضة. فالجميع يتحدّث عن كرة القدم، إلا أنه نادراً ما يمارس أحدهم هذه اللعبة، في حين أن الجميع يقيمون العلاقات الجنسية، إلا أنهم يرفضون الكلام عن ذلك”.

فحين نزيل الوصمة المرتبطة بموضوع العلاقة الجنسية، يصبح جلياً بأن النشاط الجنسي جزء لا يتجزأ من وجودنا كبشر. علماً أنّ النظر بشكل سلبي إلى موضوع العلاقة الجنسية، أمر نشهده بكثرة في المنشآت التعليمية، وفي الوعظ الديني وحتى في السياسات الحكومية في مختلف بلدان الشرق الأوسط. ومنذ بداية التسعينيات، انطلقت في الولايات المتحدة الأميركية حركة لمنح العلاقة الجنسية طابعاً إيجابياً والسعي لتغيير المواقف الثقافية تجاه هذا الموضوع. وبدأت هذه الحركة كردّ على تأثير الفكر الذكوري على أمور مختلفة، ومن بينها العلاقة الجنسية. وفي مقابلة أجرتها أخصائية العلاج الجنسي المجازة سارة ميلانكون لمجلة Psych Central، وسّعت سارة المهمة التي تتولاها الحركة، لتقول لمناصري حقوق المرأة: “كان الهدف ومازال تشجيع النساء على التعبير عن موضوع العلاقة الجنسية السليمة وعلاقات النساء، والأشخاص على اختلاف جنسهم”.

 

الاعتراف بإيجابية العلاقة الاجتماعية.

 

 

بالنسبة إلى بعض الأشخاص، فإن النظر بإيجابية إلى العلاقة الجنسية قد يُفهم على أنه تمتّع بفكر منفتح حول مختلف نواحي العلاقة الجنسية. فيما يعتبره آخرون على أنه النظر إلى موضوع العلاقة الجنسية، والصحة، واللذة من دون أي أحكام أو خجل. وبحسب ما قالت عايدة ماندولي، وهي أخصائية مجازة في معالجة الصدمات ومرشدة تعليم جنسي، فإن النظر بإيجابية إلى موضوع العلاقة الجنسية يقتضي احترام مختلف محاور العلاقة الجنسية واكتشافها ضمن حدود القبول. ويمكن اعتبار بعض سلوكيات النظر بإيجابية إلى موضوع العلاقة الجنسية على أنه الانفتاح على أنواع مختلفة من التخيلات وبناء علاقة صحية مع مظهركم الخارجي.

وفي هذا الإطار، أفادت منظمة الصحة العالمية بأن البيئة الجنسية التي يتواجد فيها المرء وموقفه من موضوع العلاقة الجنسية من شأنهما التأثير بشكل كبير على وضعه الفكري وعافيته. وبالإضافة إلى ما سبق، فقد أفادت منظمة الصحة الشاملة بأن انتشار المقاربات السلبية حيال موضوع العلاقة الجنسية، سواء أكان ذلك في وسائل الإعلام، أو في المجتمع، أو الأنظمة الدينية أو التربوية يدفع بالأفراد لأن يشعروا بالعار والذنب حيال رغباتهم الجنسية الطبيعية والصحية. ومن هنا، فإنّ النظر بإيجابية إلى موضوع العلاقة الجنسية يعالج مسألة “الشعور بالخجل من العلاقة الجنسية” من جذورها، ما يساعد الأفراد على تخطي هذه المشاعر والعقبات الفكرية. وفي النهاية، تمكّن هذه المقاربة الناس من امتلاك نظرة صحية أكثر حيال العلاقة الجنسية، ما يسمح لهم بتمتيع حواسهم، واكتساب الفوائد العاطفية والجسدية للعلاقة الجنسية السليمة. وبدورها، تكشف نيكول سيرينو، وهي معالجة نفسية متخصصة بموضوع الإنجاب ومعالجة صحة جنسية أهمية أن تعيش المرأة حياة جنسية سليمة، فتقول: “تستحق النساء جميعهنّ أن يتمتعنّ بحياة جنسية سليمة”.

 

 

فتبنّي مفهوم إيجابي من العلاقة الجنسية أمر يعزّز اللياقة البدنية والصحة النفسية، ولاسيما بالنسبة إلى النساء. فمركز صحة المرأة يعدّد عدداً من الفوائد للنساء التي قد تجنيها النساء عند عيش حياة جنسية سليمة:

– انخفاض ضغط الدم
– تعزيز جهاز المناعة
– تعزيز صحة القلب، وخفض خطر الإصابة بمرض القلب
– تحسين الثقة بالنفس
– انخفاض الاكتئاب والقلق
– تعزيز الرغبة الجنسية
– خفض طبيعي وفوري للألم
– تعزيز النوم
– زيادة الحميمية والتقرب من الشريك الجنسي
– خفض التوتر بشكل عام، على الصعيدين الجسدي والعاطفي

إن صحتنا الجسدية، والنفسية، والعاطفية هي مسؤوليتنا، ومن واجبنا الحفاظ عليها. فتقييد أنفسنا بالمعايير والأعراف البالية هو أمر مؤذٍ يعيق كل فرص للنمو، ولاسيما بالنسبة إلى النساء. فالتواصل مع أخصائي للحصول على إرشادات حول المسألة ليس أمراً مخجلاً.

 

 

فأخصائيو العلاجات الجنسية هم معالجون مجازون يساعدون الأشخاص على تخطي مختلف أنواع الاعتلال الجنسي والعلائقي التي تترك تبعات نفسية على السلوك اليومي لكلّ إنسان.

 

يقصد الأشخاص علماء الجنس إثر معاناتهم من تحديات مختلفة، مثل:

 

– اختلال الوظيفة الجنسية
– الصدمة الجنسية
– مسائل مرتبطة بالتوجه الجنسي
– مسائل علائقية تؤثر على التحديات الجنسية
– التكيّف مع الأمراض المنقولة جنسياً
– اضطراب الفرط الجنسي

 

انضموا إلينا في سعينا لتمكين النساء لعيش حياة أكثر صحة وأكثر ثباتاً. فبرنامج صحة المرأة الذي نقدمه يعرض لعدد من المداخلات المختلفة، التي تجرى في بيئة آمنة تروّج للحوار والتعبير عن الذات. فلنجعل العام 2023 عاماً نضيف فيه الإيجابية إلى كلّ عنصر من عناصر حياتنا، على أن نبدأ باعتماد علاقة منفتحة مع أجسامنا ورغباتنا. يمكنكم البحث عن كتب، تسجيلات صوتية، محادثات، وأحداث لتثقيف أنفسكم حول الموضوع.

ربما يعجبك أيضا